بسنة لم تأت إلا من طريقه لقبلناها، فإن الأعمش أحد من يدور عليهم إسناد الكوفة والعراق، قال ابن المديني: "حفظ العلم على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ستة: عمرو بن دينار بمكة، والزهري بالمدينة، وأبو إسحاق السبيعي والأعمش بالكوفة، وقتادة ويحيى بن أبي كثير بالبصرة"، وكان ثقة ثبتًا حافظًا، إمامًا في الحديث والقرآن والفرائض، بل إن شعبة كان يسميه المصحف لشدة ضبطه وإتقانه، فكيف ولم ينفرد بهذه الزيادة، بل تابعه عليها ثقتان.
وقد احتج الإمام أحمد بحديث الأعمش هذا وزيادته، ففي رواية ابنه صالح (٥٣٦): "وقال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة"، فينبغي للذي يقرأ القرآن أن يتعلم من السنة ما يقيم به صلاته؛ فهو حينئذ أولى بالصلاة"، وقال مثله في رواية ابنه عبد الله (٣٩٣).
• وقد روي بعض هذا الحديث من حديث:
١ - أنس بن مالك:
يرويه: ابن جريج، قال: قال لي عبد الملك: أن أنس بن مالك قال: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَؤُمُّ القومَ أقرؤهم للقرآن".
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٣٩٠/ ٣٨١٠)، وعنه: أحمد (٣/ ١٦٣).
وعبد الملك هذا، قال عنه أبو حاتم: "مجهول"، وذَكر له هذا الحديث، وقاله أيضًا في العلل لما سئل عن هذا الحديث وراويه [الجرح والتعديل (٥/ ٣٧٦)، العلل (١/ ١٦٧/ ٤٧٦)].
فهو حديث ضعيف.
٢ - أبي هريرة:
يرويه معلى بن الفضل، قال: نا الحسن بن علي، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله".
أخرجه البزار (١٥/ ٣١٤/ ٨٨٤٧).
قال البزار: "وهذان الحديثان لا نعلم رواهما عن الحسن بن علي عن الأعرج عن أبي هريرة إلا معلى بن الفضل، وهو: رجل بصري، لا بأس به، والحسن بن علي هذا لا نعلم روى عنه إلا: أبو قتيبة والمعلى بن الفضل، وكل ما رواه عن الأعرج عن أبي هريرة فلا نعلم أحدًا شاركه فيه إلا حديث "لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة في جداره"".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به الحسن بن علي النوفلي الهاشمي عن الأعرج دون أصحابه المشاهير الثقات على كثرتهم، والحسن بن علي هذا: منكر الحديث؛ قليل الحديث جدًّا، يروي عن الأعرج مناكير [انظر: التهذيب (٢/ ٢٨٠)، الميزان (١/ ٥٠٥)، وتقدم له شاهد تحت الحديث رقم (١٦٧)]، ومعلى بن الفضل: قال ابن عدي: "وفي بعض رواياته نكرة"، وذكره ابن حبان في الثقات [اللسان (٨/ ١١٣)، الكامل (٦/ ٣٧٤)].
٣ - أبي زيد عمرو بن أخطب الأنصاري: