للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ففي الصحيح من السنن من هذا كثير، والعبرة بضبط الرواة لما نقلوه، لا سيما وله شواهد، وليس في معناه ما يستنكر، ومثل هذا لا يصح عن شعبة، فراويه عنه: نصر بن حماد الوراق: متروك، ذاهب الحديث، منكر الحديث عن شعبة، له عنه أوابد، وكذبه ابن معين [الكامل (٧/ ٣٨)، تاريخ بغداد (١٣/ ٢٨١)، الميزان (٤/ ٢٥٠)، التهذيب (٤/ ٢١٧)].

وأما ما نقله أبو حاتم عن شعبة من أنه كان يهاب هذا الحديث فلا يعني ذلك إنكاره له، وتضعيفه إياه، وإلا لصرح بذلك، ولما احتج أبو حاتم بعد ذلك بهذا الحديث لما سأله ابنه عن كيفية الجمع بين حديث أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كنتم ثلاثة فأحقكم بالإمامة أقرؤكم"، وبين حديث مالك بن الحويرث: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفر، فقال: "إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم"، فقال لأبيه: قد اختلف الحديثان؛ فقال أبو حاتم: "حديث أوس بن ضمعج قد فسر الحديثين" [العلل (١/ ٩١/ ٢٤٧)].

بل إن شعبة كان يعتد بهذا الحديث، ويعتبره ثلث رأسماله، قال أبو زيد الهروي: سمعت شعبة يقول: رأسمالي في الحديث أربعة أحاديث: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" حديث أبي مسعود الأنصاري، وحديث عبد الله بن دينار: نهى عن بيع الولاء وعن هبته، وحديث البراء في الأضاحي، قال أبو زيد: ونسيت الرابع [الجامع لأخلاق الراوي (١/ ٢٢٥/ ٤٢٨)، وانظر أيضًا (٢/ ١٢١/ ١٣٦٤)].

وقال مرة أخرى: قال شعبة: هذا ثلث رأس مالي، ولم يلق الثوري إسماعيل بن رجاء [الجعديات (٨٥٨)].

ورواه ابن عدي من طريق أبي زيد الهروي، ثم قال: قال شعبة: وهذا الحديث ثلث رأس مالي [الكامل (١/ ٧٦)، وانظر أيضًا (٢/ ٣٢٦)].

وهذه قرينة قوية تؤكد كون شعبة لم يكن ينكر هذا الحديث، ولم يكن يضعفه، بل كان يراه ثلث رأسماله يفتخر به على الثوري، حيث لم يحمله الثوري إلا عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء، فنزل في إسناده درجة، وأما شعبة فكان إسناده أعلى من الثوري بدرجة، حيث يرويه عن إسماعيل بلا واسطة.

وقرينة أخرى وهي ثناء شعبة على حفظ أوس بن ضمعج، وهو المتفرد بهذا الحديث، فقد روى شبابة، قال: نا شعبة، وذُكر عنده أوس بن ضمعج، فقال: والله ما أراه كان إلا شيطانًا، يعني: لجودة حديثه [الجعديات (٨٦٢)، الجرح والتعديل (١/ ١٣٣)، الجامع لأخلاق الراوي (٢/ ١٠١/ ١٢٩٨)] [وذكرها المزي في ترجمة أوس بن ضمعج من التهذيب (٣/ ٣٩٠)].

وعلى فرض أن شعبة أراد بذلك إعلال الحديث، فقد خالفه هؤلاء الأئمة الذين صححوه، وعلى رأسهم الإمام مسلم.

وأما زيادة: "أعلمهم بالسنة"، فقد رواها حافظ كبير، لو تفرد بزيادة أو بحديث أو

<<  <  ج: ص:  >  >>