للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وترك السعي، وتقريب الخطى؛ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وهو الحجة - صلى الله عليه وسلم -".

وقال ابن رجب في الفتح (٣/ ٥٦٦): "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، ولا تسعوا" أمرٌ بالمشي ونهيٌ عن الإسراع إلى الصلاة لمن سمع الإقامة، وليس سماع الإقامة شرطًا للنهي، وإنما خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب أن الاستعجال إنما يقع عند سماع الإقامة خوفَ فوتِ إدراك التكبيرة أو الركعة، ... ، وقد سبق حديث أبي قتادة: "إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة"، من غير اشتراط سماع الإقامة.

وقد أجمع العلماء على استحباب المشي بالسكينة إلى الصلاة، وترك الإسراع والهرولة في المشي، ولما في ذلك من كثرة الخطا إلى المساجد، ....

وهذا ما لم يخش فوات التكبيرة الأولى والركعة، فإن خشي فواتها، ورجا بالإسراع إدراكها، فاختلفوا: هل يسرع حينئذ، أم لا؟ وفيه قولان:

أحدهما: أنه يسعى لإدراكهما، وروي عن ابن مسعود، أنه سعى لإدراك التكبيرة، ونحوه عن ابن عمر، والأسود، وعبد الرحمن بن يزيد، وسعيد بن جبير، وعن أبي مجلز: الإسراع إذا خاف من فوت الركعة، وقال إسحاق: لا بأس بالإسراع لإدراك التكبيرة، ورخص فيه مالك، وقال أحمد -في رواية مهنَّا-: ولا بأس -إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى- أن يسرع شيئًا، ما لم يكن عجلة تقبح؛ جاء عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يعجلون شيئًا إذا تخوفوا فوت التكبيرة الأولى، وطمعوا في إدراكها.

وبوب النسائي في سننه على الإسراع إلى الصلاة من غير سعي، [ثم ذكر حديث أبي رافع الآتي ذكره، ثم قال:] وهذا إنما يدل على إسراع الإمام إذا خاف الإبطاء على الجماعة، وقد قرب الوقت.

والقول الثاني: أنه لا يسرع بكل حالٍ، ورُوي عن أبي ذر، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعطاء، وحكاه ابن عبد البر عن جمهور العلماء، وهو قول الثوري، ونقله ابن منصور وغيره عن أحمد، وقال: العمل على حديث أبي هريرة.

وحديث أبي هريرة: دليل ظاهر على أنه لا يسرع لخوف فوت التكبيرة الأولى، ولا الركعة؛ فإنه قال: "فإذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، ولا تسرعوا"، فدل على أنه ينهى عن الإسراع مع خوف فوات التكبيرة أو الركعة.

وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي بكرة: أنه جاء والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكع، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوت نعلي أبي بكرة وهو يحفز، يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف قال: "من الساعي؟ " قال أبو بكرة: أنا، قال: "زادك الله حرصًا، ولا تعد". وفي إسناده من يجهل حاله، [ثم ذكر حديث أبي بكرة المذكور في الشواهد، وهو منكر، وضعَّف إسناده أيضًا] " انتهى المراد منه.

• قلت: عورض حديث أبي هريرة وأبي قتادة وما كان في معناهما بأحاديث وآثار: أما الأحاديث، فروي عن أبي رافع، وأبي بكرة:

<<  <  ج: ص:  >  >>