للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التكبيرة الأولى، ... [ثم قال:] يمشي المرء إذا خرج إلى الصلاة على عادته التي يمشي في سائر الأوقات، ... [إلى أن قال:] والخروج عن ظاهر خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير جائز".

وقال أيضًا (٤/ ٥٣): "وأكثر القراء على القراءة التي في المصاحف: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، وممن كان يقرأ هذه الآية أبي بن كعب، وعوام القراء، وهم وإن اختلفوا في قراءة الآية، فلا أحسبهم يختلفون في معناها؛ لأني لا أحفظ عن أحد منهم أنه قال: معناه السعي على الأقدام والعدْو، والدليل على صحة هذا المعنى: ثبوت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن السعي على الأقدام إلى الصلوات، ودخلت الجمعة في جمل الصلوات وعمومها إلى أن قال: "فالسعي الذي أمر الله غير السعي الذي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي حديث أوس بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من غسل يوم الجمعة أو اغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى فدنا، فاستمع وأنصت". قال أبو بكر: فذكر المشي في هذا الحديث، ونهى عن السعي في حديث أبي هريرة".

وبنحو هذا المعنى قال ابن خزيمة في مواضع من صحيحه (٣/ ٣) و (٣/ ١٣٥) و (٤/ ٢٣٥)، وقال في موضع منها (٣/ ٢٤٤): "فاسم السعي يقع على الهرولة وشدة المشي والمضي إلى الموضع، فالسعي الذي أمر الله به أن يسعى إلى الجمعة هو المضي إليها، والسعي الذي زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه إتيان الصلاة هو الهرولة وسرعة المشي، فاسم السعي واقع على فعلين: أحدهما مأمور، والآخر منهي عنه".

وكذا قال ابن حبان في صحيحه (٥/ ٥٢٢).

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٠/ ٢٣١): "فالسعي ههنا في هذا الحديث: المشي بسرعة، والاشتداد فيه، والهرولة، هذا هو السعي المذكور في هذا الحديث، وهو معروف مشهور في كلام العرب، ومنه السعي بين الصفا والمروة، وقد يكون السعي في كلام العرب: العمل، من ذلك قوله: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: ١٩]، و {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)} [الليل: ٤]، ونحو هذا كثير".

ثم قال: "واختلف العلماء في السعي إلى الصلاة لمن سمع الإقامة: فروى مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع، فأسرع المشي، ورُوي ذلك عن ابن عمر من طرق، وروي عن عمر: أنه كان يهرول إلى الصلاة، وفي إسناده عنه لين وضعف، والله أعلم إلى أن قال: "وروي عن ابن مسعود أنه قال: أحق ما سعينا إليه الصلاة، رواه عنه ابنه أبو عبيدة، ولم يسمع منه، وروي عن الأسود بن يزيد، وعبد الرحمن بن يزيد، وسعيد بن جبير: أنهم كانوا يهرولون إلى الصلاة، فهؤلاء كلهم ذهبوا إلى: أنه من خاف الفوت سعى، ومن لم يخف مشى على هيئته"، ثم ذكر أقوال الصحابة في ترك السعي، عن ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي ذر، وبعض أقوال العلماء في ذلك، ثم قال: "معلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما زجر عن السعي من خاف الفوت، قال: "فما أدركتم فصلوا"، فالواجب أن يأتيَ الصلاةَ من خاف فوتها ومن لم يخف ذلك: بالوقار والسكينة،

<<  <  ج: ص:  >  >>