وهو من علم البديع بمحل ومكان رفيع، ولم يرد فى القرآن شىء منه على علو قدره وظهور بلاغته، وهو قليل نادر لصعوبة الأمر فيه، ولولا ما ورد من اختلاف الجمعين فى الأبرار، والفجار، وفى قوله: لَفِي نَعِيمٍ (١٣)
[الانفطار: ١٣- ١٤] فإنه لو أبدل الفجار بلفظ يوازن الأبرار وأبدل لفظ فى، لكان ترصيعا، لكن لما ورد هكذا لم يعد ترصيعا، فلو قال مثلا:
إن الأبرار لفى نعيم، وإن الأشرار لمن جحيم، لكان ترصيعا، ولكنه جمع الفجار، للكثرة وجمع الأبرار للقلة، فأخرجه عما يرد من الترصيع تنبيها على قلة أهل الإيمان وكثرة أهل الفجور، وقد عرفت مثاله لو ورد على ما قلناه.
[الضرب السابع اللف والنشر]
وهو ذكر الشيئين على جهة الاجتماع مطلقين من غير تقييد، ثم يرمى بما يليق بكل واحد منهما اتكالا على قريحة السامع، بأن يلحق بكل واحد منهما ما يستحقه، ومثاله قوله تعالى: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ
[القصص: ٧٣] فجمع أولا بين الليل والنهار بواو العطف ثم إنه بعد ذلك أضاف إلى كل واحد منهما ما يليق به، فأضاف السكون إلى الليل، من جهة أن تصرف الخلق يقل ليلا لأجل ما يعتريهم من النوم، ثم قال بعد ذلك: وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ
أضافه إلى النهار، لأن ابتغاء الأرزاق إنما يكون نهارا بالتصرف والاحتيال، واكتفى فى البيان والتفصيل بما يظهر من قرينة الحال فى معرفة حكم كل واحد منهما كما مر بيانه.
[الضرب الثامن الموازنة]
وهو اتفاق آخر الفقرتين فى الوزن، وإن لم يتجانسا فى الأحرف، ومثاله قوله تعالى: