[النساء: ٨٣] فالنون والراء متباعدان، ومن ذلك قولهم: المكارم بالمكاره، والتواضع شرك الشرف، وفى الحريريات ولا أعطى زمامى، من يخفر ذمامى، ولا أغرس الأيادى، فى أرض الأعادى، ومن ذلك ما قاله البحترى:
ألما فات من تلاق تلاف ... أم لشاك من الصبابة شاف
وما هذا حاله يقال له التجنيس اللاحق، والتجنيس الناقص، والأمر فيه قريب بعد الوقوف على القيود التى يتميز بها عن غيره كما أشرنا إليه.
الضرب الثامن [المشوّش]
وهو عبارة عن كل جنس من التجنيس يجاذبه طرفان من الصيغة، ولا يمكن إطلاق اسم أحدهما عليه دون الآخر، واشتقاقه من قولهم تشوّش الأمر إذا مزج واختلط بعضه ببعض، ومنه قولهم فلان متشوّش، إذا كان به مرض من اختلاط المزاج وتغيره ومثاله قولهم: فلان مليح البلاغة، لبيق البراعة، فلو اتفق العينان فى الكلمتين وكانتا من حرف واحد لكان ذلك من تجنيس التصحيف أو كان اللامان متفقين لكان ذلك من المضارع، فلما لم يكن كما ذكرناه بقى مذبذبا بين الأمرين، ينجذب إلى كل واحد منهما بشبه، ومنه قولهم: صدّعنى مذ صدّ عنّى فلولا تشديد النون لكان معدودا من تجنيس المركب، ومن الحريريات قوله وندمنا على ما ندّ منّا.
الضرب التاسع [المعكوس]
وله فى التجنيس حلاوة ويفيد الكلام رونقا وطلاوة، وقد سماه قدامة الكاتب بالتبديل، وكل واحد من اللقبين يصدق عليه، لأن صاحبه يقدم المؤخر من الكلام ويؤخر المقدم منه، فلهذا لقبه بالعكس، وهكذا فإنه يبدّل الألفاظ فيقدّم ما كان منها مؤخرا ويؤخر ما كان منها مقدما، ويقع فى الألفاظ، والحروف جميعا فهذان وجهان،