بلغ قريشا قبل مبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم، فقالوا: لعن الله اليهود والنصارى أتتهم رسلهم فكذبوهم، فو الله لئن أتانا رسول لنكونن أهدى من إحدى الأمم، فلما بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كذبوه.
[المعنى:]
وأقسموا بالله جاهدين بالغين طاقة جهدهم، وغاية أيمانهم، وذلك لأنهم كانوا يحلفون بآبائهم وأصنامهم، فإذا اشتد عليهم الحال، وأرادوا تحقيق الحق حلفوا وأقسموا بالله جهد أيمانهم وطاقتها، لئن جاءهم نذير من أنفسهم، ونبي من العرب- وكانوا يتمنون ذلك لأن الأنبياء كانت من بنى إسرائيل- ليكونن أهدى من كل الأمم، وليؤمننّ به مسرعين.
فلما جاءهم نذير من العرب، ورسول من أشرف قبائلهم ما زادهم النذير إلا نفورا وإعراضا عن الحق الذي جاء، حالة كونهم مستكبرين في الأرض وحاسدين وباغين، وماكرين مكر السوء على الضعاف والأتباع وحرصا على دنيا كاذبة، وعرض زائل ولا يحيق المكر السيّئ إلا بأهله، وقد وقعوا في شر أعمالهم، وباءوا بالخسران المبين في الدنيا والآخرة.