وَإِضَافَةُ (ذَائِقَةُ) غَيْرُ مَحْضَةٍ ; لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ يُحْكَى بِهَا الْحَالُ وَقُرِئَ شَاذًّا: ذَائِقَةٌ الْمَوْتَ بِالتَّنْوِينِ وَالْإِعْمَالِ، وَيُقْرَأُ شَاذًّا أَيْضًا «ذَائِقُهُ الْمَوْتُ» عَلَى جَعْلِ الْهَاءِ ضَمِيرَ كُلٍّ
عَلَى اللَّفْظِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ. (وَإِنَّمَا) : «مَا» هَاهُنَا كَافَّةٌ ; فَلِذَلِكَ نَصَبَ «أُجُورَكُمْ» بِالْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَتْ بِمَعْنَى الَّذِي أَوْ مَصْدَرِيَّةً لَرَفَعَ أُجُورَكُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَتُبْلَوُنَّ) : الْوَاوُ فِيهِ لَيْسَتْ لَامَ الْكَلِمَةِ بَلْ وَاوَ الْجَمْعِ حُرِّكَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَضَمَّةُ الْوَاوِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَحْذُوفِ، وَلَمْ تُقْلَبِ الْوَاوُ أَلِفًا مَعَ تَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ عَارِضٌ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ هَمْزُهَا مَعَ انْضِمَامِهَا، وَلَوْ كَانَتْ لَازِمَةً لَجَازَ ذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (١٨٧)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَتُبَيِّنُنَّهُ) ، (وَلَا تَكْتُمُونَهُ) : يُقْرَآنِ بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ ; لِأَنَّ الرَّاجِعَ إِلَيْهِ الضَّمِيرُ اسْمٌ ظَاهِرٌ، وَكُلُّ ظَاهِرٍ يُكَنَّى عَنْهُ بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ.
وَيُقْرَآنِ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ، تَقْدِيرُهُ: وَقُلْنَا لَهُمْ لَتُبَيِّنُنَّهُ.
وَلَمَّا كَانَ أَخْذُ الْمِيثَاقِ فِي مَعْنَى الْقَسَمِ، جَاءَ بِاللَّامِ وَالنُّونِ فِي الْفِعْلِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا فِي يَكْتُمُونَ اكْتِفَاءً بِالتَّوْكِيدِ فِي الْفِعْلِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ تَكْتُمُونَهُ تَوْكِيدٌ.
قَالَ تَعَالَى: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨٨)) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute