وَيُقْرَأُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالْيَاءِ عَلَى التَّذْكِيرِ.
(إِنْ شَاءَ اللَّهُ) : جَوَابُ الشَّرْطِ إِنْ وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَجَازَ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ الشَّرْطُ مُتَوَسِّطًا، وَخَبَرُ إِنْ هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ فِي الْمَعْنَى، وَقَدْ وَقَعَ بَعْدَهُ فَصَارَ التَّقْدِيرُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ هِدَايَتَنَا اهْتَدَيْنَا، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ هِدَايَتَنَا.
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الْجَوَابُ مَحْذُوفٌ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ مُعْتَرِضٌ، فَالنِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ فَيَصِيرُ كَقَوْلِكَ: أَنْتَ ظَالِمٌ إِنْ فَعَلْتَ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (٧١)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا ذَلُولٌ) : إِذَا وَقَعَ فَعُولٌ صِفَةً لَمْ يَدْخُلْهُ الْهَاءُ لِلتَّأْنِيثِ، تَقُولُ: امْرَأَةٌ صَبُورٌ شَكُورٌ، وَهُوَ بِنَاءٌ لِلْمُبَالَغَةِ. وَذَلُولٌ: رُفِعَ صِفَةً لِلْبَقَرَةِ، أَوْ خَبَرَ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ، وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ صِفَةً.
(تُثِيرُ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي ذَلُولٍ، تَقْدِيرُهُ: لَا تَذِلُّ فِي حَالِ إِثَارَتِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا إِتْبَاعًا لِذَلُولٍ.
وَقِيلَ: هُوَ مُسْتَأْنَفٌ ; أَيْ هِيَ تُثِيرُ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْبَقَرَةَ كَانَتْ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَمْ تَكُنْ تَسْقِي الزَّرْعَ، وَهُوَ قَوْلٌ بَعِيدٌ مِنَ الصِّحَّةِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ: (وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ) : فَنَفَى الْمَعْطُوفَ ; فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى وَاحِدٌ. أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَا تَقُولُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ قَائِمٍ وَلَا قَاعِدٍ، بَلْ تَقُولُ: لَا قَاعِدٍ بِغَيْرِ وَاوٍ، كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُنَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَوْ أَثَارَتِ الْأَرْضَ لَكَانَتْ ذَلُولًا، وَقَدْ نَفَى ذَلِكَ.
وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَثْبَتَ هَذَا الْوَجْهَ أَنْ تَكُونَ تُثِيرُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ صِفَةً لِلْبَقَرَةِ.
(وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً أَيْضًا ; وَأَنْ يَكُونَ خَبَرَ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ. وَكَذَلِكَ: (مُسَلَّمَةٌ) ، وَ «لَا شِيَةَ فِيهَا» وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute