وَ (الرَّحْمَنُ) : بَدَلٌ مِنْ هُوَ. أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِهُوَ ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ لَا يُوصَفُ وَلَا يَكُونُ خَبَرًا لِهُوَ ; لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى هُنَا لَيْسَ بِجُمْلَةٍ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْفُلْكِ) : يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَمِنَ الْجَمْعِ هَذَا الْمَوْضِعُ وَقَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يُونُسَ: ٢٢] وَمِنَ الْمُفْرَدِ: (الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الشُّعَرَاءِ: ١١٩] .
وَمَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ ضَمَّةَ الْفَاءِ فِيهِ إِذَا كَانَ جَمْعًا غَيْرُ الضَّمَّةِ الَّتِي فِي الْوَاحِدِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ ضَمَّةَ الْجَمْعِ تَكُونُ فِيمَا وَاحِدُهُ غَيْرُ مَضْمُومٍ ; نَحْوَ: أُسْدٍ، وَكُتُبٍ، وَالْوَاحِدُ أَسَدٌ وَكِتَابٌ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ الضَّمَّةُ فِي صَادِ مَنْصُورٍ، إِذَا رَخَّمْتَهُ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ يَا حَارِ، فَإِنَّهَا ضَمَّةٌ حَادِثَةٌ، وَعَلَى مَنْ قَالَ يَا حَارِ تَكُونُ الضَّمَّةُ فِي يَا مَنْصُ هِيَ الضَّمَّةُ فِي مَنْصُورٍ. (مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ) : مِنَ الْأُولَى لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالثَّانِيَةُ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، إِذْ كَانَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً وَغَيْرُهُ. (وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) : مَفْعُولُ بَثَّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَبَثَّ فِيهَا دَوَابَّ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، وَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ أَنْ تَكُونَ مِنْ زَائِدَةٌ ; لِأَنَّهُ يُجِيزُهُ فِي الْوَاجِبِ.
(وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ) : هُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ، وَيَكُونَ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا، وَالتَّقْدِيرُ: وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ السَّحَابَ ; لِأَنَّ الرِّيَاحَ تَسُوقُ السَّحَابَ وَتُصَرِّفُهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute