كَسَبَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَلِكَ نَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ، وَعَنْهُ: لَا يَرُدُّهُ إِلَّا مَعَ نَمَائِهِ، وَوَطْءُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِمِثْلِهِ فَلَهُ الرَّدُّ، أَوِ الْإِمْسَاكُ مَجَّانًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِهِ لَا خِيَارَ لَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " إِذَا كَانَ عَالِمًا بِهِ، وَلَمْ يَرْضَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (وَهُوَ) أَيِ: الْأَرْشُ (قِسْطٌ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الصَّحِيحِ، وَالْمَعِيبِ مِنَ الثَّمَنِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَقَالَ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمَعِيبِ مِنَ الثَّمَنِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ، قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ، فَعَلَى هَذَا يَقُومُ الْمَبِيعُ صَحِيحًا، ثُمَّ مَعِيبًا فَيُؤْخَذُ قِسْطُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الثَّمَنِ، كَمَا إِذَا قَوَّمَ صَحِيحًا بِعَشَرَةٍ وَمَعِيبًا بِثَمَانِيَةٍ، وَالثَّمَنُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا، فَقَدْ نَقَصَهُ الْعَيْبُ خمسة فَيَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ، فَفَوَاتُ جُزْءٍ مِنْهُ يُسْقِطُ عَنْهُ ضَمَانَ مَا قَابَلَهُ مِنَ الثَّمَنِ، وَلِأَنَّا لَوْ ضَمِنَّاهُ نَقْصَ الْقِيمَةِ لَأَفْضَى إِلَى اجْتِمَاعِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِلْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ مَا إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ، فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا يَنْقُصُهُ النِّصْفُ فَأَخَذَهَا، وَهَذَا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ.
(وَمَا كَسَبَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ نَمَاؤُهُ الْمُنْفَصِلُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ رَدَّ الْمَعِيبِ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَالِهِ أَوْ يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً كَالسَّمْنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، وَالْحَمْلِ وَالثَّمَرَةِ قَبْلَ ظُهُورِهَا فَيَرُدُّهَا بِنَمَائِهَا؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَلِعَدَمِ تَصَوُّرِ رَدِّهَا بِدُونِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعُ قِيمَتُهَا فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ مُعَاوَضَةٌ لَمْ يَلْتَزِمْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْقِيَاسُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهِ وَكَالصَّدَاقِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ، وَفِي الْقِيَاسِ نَظَرٌ. والثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُنْفَصِلَةً وَهِيَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ كَالْكَسْبِ وَالْأُجْرَةِ وَمَا يُوهَبُ لَهُ، أَوْ يُوصَى لَهُ بِهِ فَهَذَا لِلْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ ضَمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ كَانَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي، وَحَكَاهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ، ذَكَرَهَا فِي " الْكَافِي " وَ " الْفُرُوعِ ". والثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَبِيعِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ الْمَجْذُوذَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute