الْإِبِلِ إِذَا قُلِعَتْ مِمَّنْ قَدْ ثُغِرَ، وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَنْيَابُ كَالْأَسْنَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ فِي جَمِيعِهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَتَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فِي قَطْعِهِمَا مِنَ الْكُوعِ، وَالْكَعْبِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِذَا سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، يُقَالُ: ثُغِرَ وَأَثْغَرَ، يُحْتَرَزُ بِذَلِكَ مِنَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُثْغَرْ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بِقَلْعِهَا شَيْءٌ فِي الْحَالِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ عَوْدُ سِنِّهِ فَيَنْتَظِرُ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَيْأَسُ مِنْ عَوْدِهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا، قَالَ أَحْمَدُ: يَتَوَقَّفُ سَنَةً ; لِأَنَّهُ غَالِبٌ فِي نَبَاتِهَا (وَالْأَضْرَاسُ، وَالْأَنْيَابُ كَالْأَسْنَانِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ وَالْأَكْثَرِ ; لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، قَالَ: «الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ، الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ» وَهَذَا نَصٌّ، وَلِأَنَّ كُلَّ دِيَةٍ وَجَبَتْ فِي جُمْلَةٍ كَانَتْ مَقْسُومَةً عَلَى الْعَدَدِ دُونَ الْمَنَافِعِ كَالْأَصَابِعِ، وَالْأَجْفَانِ، وَعَنْهُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ ثُغِرَ فَحُكُومَةٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ: إِذَا سَقَطَتْ أَخَوَاتُهَا، وَلَمْ تَعُدْ أُخِذَتْ دِيَتُهَا ; لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا لَا تَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ فِي جَمِيعِهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) هَذَا رِوَايَةٌ حَكَاهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّ فِي كُلِّ ضِرْسٍ بَعِيرَيْنِ لِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رَوَاهُ مَالِكٌ، وَعَنْ عَطَاءٍ نَحْوُهُ، وَالْإِجْمَاعُ أَنَّ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسًا ; لِأَنَّهَا مَنْفَعَةُ جِنْسٍ، فَلَمْ تَزِدْ دِيَتُهَا عَلَى الدِّيَةِ كَسَائِرِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " وَقِيلَ: إِنْ قَلَعَ الْكُلَّ، أَوْ فَوْقَ الْعِشْرِينَ دُفْعَةً لَمْ يَجِبْ سِوَى الدِّيَةِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: إِنْ قَلَعَ أَسْنَانَهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فَالدِّيَةُ.
فَرْعٌ: إِذَا قَلَعَ سِنًّا مُضْطَرِبَةً لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، وَكَانَتْ مَنَافِعُهَا، أَوْ بَعْضُهَا بَاقِيَةً - وَجَبَتْ دِيَتُهَا، وَإِنْ ذَهَبَتْ مَنَافِعُهَا فَهِيَ كَيَدٍ شَلَّاءَ، وَإِنْ قَلَعَ سِنًّا فِيهَا دَاءٌ، أَوْ آكِلَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا فَفِيهَا دِيَةُ سِنٍّ صَحِيحٍ، وَإِنْ ذَهَبَ سَقَطَ مِنْ دِيَتِهَا بِقَدْرِ الذَّاهِبِ وَوَجَبَ الْبَاقِي.
[دِيَةُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ]
(وَتَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فِي قَطْعِهِمَا مِنَ الْكُوعِ، وَالْكَعْبِ) لِأَنَّ الْيَدَ فِي الشَّرْعِ مَحْمُولَةٌ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَطْعِ السَّارِقِ، وَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ، وَالْكَعْبُ بِمَنْزِلَةِ الْكُوعِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ سَرَقَ ثَانِيًا قُطِعَتْ رِجْلُهُ مِنْ كَعْبِهَا (فَإِنْ قَطَعَهُمَا مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute