كَسَرَ إِنَاءَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ إِنَاءَ خَمْرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَضْمَنُ آنِيَةَ الْخَمْرِ إِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي غَيْرِهِ.
بَابُ الشُّفْعَةِ وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ الْإِنْسَانِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا، وَلَا يَحِلُّ الِاحْتِيَالُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَغَيْرُهُ: إِنْ لَمْ يَقْدِرْ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ كَخِنْزِيرٍ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَضْمَنُ آنِيَةَ الْخَمْرِ إِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ مَالٌ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، فَيَضْمَنُهَا كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ فِيهَا خَمْرٌ، وَلِأَنَّ جَعْلَ الْخَمْرِ فِيهَا لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ ضَمَانِهَا كَمَخْزَنِ الْخَمْرِ، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَخْزَنًا لِلْخَمْرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ بَلَى، وَجَزَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ، وَلَا يَضْمَنُ كِتَابًا فِيهِ أَحَادِيثُ رَدِيئَةٌ، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ، فَجَعَلَهُ كَآلَةِ لَهْوٍ، وَلَا حُلِيًّا مُحَرَّمًا عَلَى الرِّجَالِ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا وَقَعَ فِي مِحْبَرَتِهِ مَالُ غَيْرِهِ بِتَفْرِيطِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ كُسِرَتْ مَجَّانًا، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ، ضَمِنَ رَبُّ الْمَالِ كَسْرَهَا، فَإِنْ بَذَلَ رَبُّهَا بَدَلَهُ، فَفِي وُجُوبِ قَبُولِهِ وَجْهَانِ.
[بَابُ الشُّفْعَةِ]
[تَعْرِيفُ الشُّفْعَةِ]
بَابُ الشُّفْعَةِ هِيَ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الشَّفَاعَةِ، أَوِ الزِّيَادَةِ، أَوِ التَّقْوِيَةِ، أَوْ مِنَ الشَّفْعِ، وَهُوَ أَحْسَنُهَا؛ لِأَنَّ الشَّفْعَ هُوَ الزَّوْجُ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ كَانَ نَصِيبُهُ مُنْفَرِدًا فِي مِلْكِهِ، فَبِالشُّفْعَةِ ضَمَّ الْمَبِيعَ إِلَى مِلْكِهِ، وَبِالثَّانِي جَزَمَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ كَانَ وِتْرًا فَصَارَ شَفْعًا، وَالشَّافِعُ هُوَ الْجَاعِلُ الْوِتْرِ شَفْعًا، وَالشَّفِيعُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ.
وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ، فَرَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَبِالْإِجْمَاعِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهَا إِلَّا الْأَصَمَّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَثْبُتْ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِضْرَارِ بِأَرْبَابِ الْأَمْلَاكِ لِتَقَاعُسِ النَّاسِ عَنِ الشِّرَاءِ حَيْثُ عَلِمُوا انْتِزَاعَ مَا يَشْتَرُونَهُ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ يَنْدَفِعُ ذَلِكَ بِالْمُقَاسَمَةِ، وَأَعْقَبَ الشُّفْعَةَ لِلْغَصْبِ، فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ قَهْرًا، فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ تَحْرِيمِ أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute