وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَنَحْوِهَا، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ إِلَّا بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ.
فصل
وَمَنْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِهِ وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالْمِلْكِ لَهُ) قَدَّمَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا؛ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَاسْتِمْرَارُهَا مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ يُقَوِّيهَا، فَجَرَتْ مَجْرَى الِاسْتِفَاضَةِ، وَالِاحْتِمَالُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الشَّهَادَةِ، بِدَلِيلِ جَوَازِهَا بِالْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مَا عَايَنَهُ مِنَ السَّبَبِ، كَالْبَيْعِ وَالْإِرْثِ وَنَحْوِهِمَا، مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُوَرِّثَ لَيْسَ مَالِكًا.
وَفِي الْمُغْنِي: لَا سَبِيلَ إِلَى الْعِلْمِ هُنَا، فَجَازَتْ بِالظَّنِّ، وَيُسَمَّى عِلْمًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: ١٠] ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ هُنَا، فَاكْتَفَى بِالظَّنِّ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَال يُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمُدَّعِي وَقْتَ تَصَرُّفِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ قَرَابَتَهُ، وَلَا يَخَافُ مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ عَارَضَهُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الْمُتَصَرِّفِ أَنَّ ذَلِكَ مِلْكُهُ، لَا يَجُوزُ لِمَنْ رَآهُ يَتَصَرَّفُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ لَا بِمَا ذَكَرَ.
(وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ إِلَّا بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ) هَذَا وَجْهٌ، وَصَحَّحَهُ السَّامَرِّيُّ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَالِكَةٍ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَشْهَدُ بِمِلْكٍ بِتَصَرُّفِهِ. وَعَنْهُ: مَعَ يَدِهِ. وَفَرَّقَ قَوْمٌ، فَقَالُوا: يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، وَفِي الْقَصِيرَةِ بِالْيَدِ. وَهُوَ ظَاهِرٌ.
[فِي مَنْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ أَوِ الرَّضَاعِ أَوِ الزِّنَى]
(وَمَنْ شَهِدَ بِالنِّكَاحِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِهِ) كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي شُرُوطِهِ، فَيَجِبُ ذِكْرُهَا لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الشَّاهِدُ صِحَّتَهُ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ إِذَا اتَّحَدَ مَذْهَبُ الشَّاهِدِ وَالْحَاكِمِ لَا يَجِبُ التَّبْيِينُ.
وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَنِ ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْمَيِّتَةَ امْرَأَتُهُ وَهَذَا ابْنُهُ مِنْهَا، فَإِنْ أَقَامَهَا بِأَصْلِ النِّكَاحِ وَيَصْلُحُ ابْنُهُ، فَهُوَ عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ، وَالْفِرَاشُ ثَابِتٌ يَلْحَقُهُ.
وَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ زَوْجُهَا، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَصْلِ النِّكَاحِ، وَيُعْطَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute