لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ، أَوْ يُدْغِمُ حَرْفًا لَا يُدْغَمُ، أَوْ يُبَدِّلُ حَرْفًا، أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْنًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا صَلَّى الْجُنُبُ بِالْقَوْمِ أَعَادَ صَلَاتَهُ، وَتَمَّتْ لِلْقَوْمِ صَلَاتُهُمْ» رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرَّانِيُّ؛ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ وَهُوَ مَحَلُّ الشُّهْرَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّ الْحَدَثَ مِمَّا يَخْفَى، وَلَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، فَكَانَ الْمَأْمُومُ مَعْذُورًا، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ إِذَا كَانَ بِالْإِمَامِ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُحْدِثًا فِيهَا، وَعَنْهُ: يُعِيدُ كَالْإِمَامِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَثْبُتْ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ مُحْدِثًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ، وَحُكْمُ النَّجَاسَةِ كَالْحَدَثِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةٌ لَهَا، وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِالْحَدَثِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَخَفُّ، وَخَفَاؤُهَا أَكْثَرُ، فَلِذَلِكَ صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ مَعَ نِسْيَانِهَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ هُوَ وَالْمَأْمُومُ فِيهَا، اسْتَأْنَفَ الْمَأْمُومُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَّ بِمَنْ صَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، أَشْبَهَ مَا لَوِ ائْتَمَّ بِامْرَأَةٍ، وَعَنْهُ: يَبْنِي، ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِمْ صَحِيحٌ، فَكَانَ لَهُمُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، فَإِنْ عَلِمَ مَعَهُ وَاحِدٌ أَعَادَ الْكُلُّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالْمُؤَلِّفُ: يُعِيدُ مَنْ عَلِمَ، وَإِنْ عَلِمَهُ اثْنَانِ، فَأَنْكَرَهُ هُوَ، أَعَادُوا، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَقِيلَ: بَلْ هُمَا فَقَطْ.
فَائِدَةٌ: إِذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَى إِمَامِهِ فَائِتَةً، وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ فِي وَجْهٍ، فَفِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَجْهَانِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِيهَا سَهْوًا، أَوْ شَكَّ فِي إِخْلَالِ إِمَامِهِ بِشَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مَعَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ السِّتَارَةَ أَوِ الِاسْتِقْبَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى غَالِبًا.
[إِمَامَةُ الْأُمِّيِّ]
(وَلَا تَصِحُّ إِمَامَةُ الْأُمِّيِّ) مَنْسُوبٌ إِلَى الْأُمِّ، وَقِيلَ: أُمَّةِ الْعَرَبِ (وَهُوَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ: لَا يَحْفَظُهَا، أَيْ: لَا تَصِحُّ إِمَامَتُهُ بِمَنْ يُحْسِنُهَا، مَضَتِ السُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَهُ الزُّهْرِيُّ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ شَرْطٌ مَقْصُودٌ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَادِرِ عَلَيْهِ بِالْعَاجِزِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute