فَصْلٌ الْخَامِسُ: خِيَارُ الْعَيْبِ، وَهُوَ النَّقْصُ كَالْمَرَضِ وَذَهَابِ جَارِحَةٍ أَوْ سِنٍّ أَوْ زِيَادَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَعُيُوبُ الرَّقِيقِ مِنْ فِعْلِهِ كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَالْبَوْلِ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَائِدَةٌ: لَمْ يَقُلْ أَبُو حَنِيفَةَ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، لِأَنَّهُ حَدِيثٌ مُخَالِفٌ لِقِيَاسِ الْأُصُولِ الْمَعْلُومَةِ، إِذِ الْأَصْلُ أَنَّ ضَمَانَ الْمِثْلِيَّاتِ بِالْمِثْلِ، وَالْمُتَقَوِّمَاتِ بِالْقِيمَةِ، وَالتَّمْرُ لَيْسَ بِمِثْلٍ، وَلَا قِيمَةٍ لِلَّبَنِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ بِقَدْرِ الضَّمَانِ بِقِيمَةِ التَّالِفِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ وَهُنَا قَدْرٌ بِالصَّاعِ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ اللَّبَنَ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُزْءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنَ الرَّدِّ، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَقَدْ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا، فَمَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ مُنِعَ الرَّدُّ، وَمَا كَانَ حَادِثًا لَمْ يَجِبْ ضمانه، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الْقَوْلِ بِظَاهِرِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّمَنِ، وَالْمُثَمَّنِ لِلْبَائِعِ إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَجَوَابُ الْأَوَّلِ: أَنَّ الضَّمَانَ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرْتُمُوهُ، فَإِنَّ الْحُرَّ يَضْمَنُ بِالْإِبِلِ وَلَيْسَتْ بِمِثْلٍ وَلَا قِيمَةٍ، وَالْجَنِينَ بِالْغُرَّةِ، وَعَنِ الثَّانِي: بِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَقَدَّرُ بِذَلِكَ كَالْمُوَضَّحَةِ، فَإِنَّ أَرْشَهَا مُقَدَّرٌ مَعَ اخْتِلَافِهَا بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ، وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ النَّقْصَ حَصَلَ لِاسْتِعْلَامِ الْعَيْبِ، فَلَا يَمْنَعُ، وَعَنِ الرَّابِعِ: بِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى الْعَادَةِ، وَالْعَادَةُ؛ لَا تُبَاعُ شَاةٌ بِصَاعٍ، وَالْأَوْلَى أَنَّ التَّمْرَ بَدَلُ اللَّبَنِ لَا الشَّاةِ، فَلَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ.
[الْخَامِسُ: خِيَارُ الْعَيْبِ]
فَصْلٌ (الْخَامِسُ: خِيَارُ الْعَيْبِ، وَهُوَ النَّقْصُ) أَيْ: مَا نَقَصَ ذَاتُ الْمَبِيعِ أَوْ قِيمَتُهُ عَادَةً، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ: نَقِيصَةً يَقْتَضِي الْعُرْفُ سلامة الْمَبِيعَ عَنْهَا غَائِبًا، ثُمَّ شَرَعَ فِي تَعْدَادِ مَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ، وَلَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْعَبْدِ (كَالْمَرَضِ) عَلَى جَمِيعِ حَالَاتِهِ (وَذَهَابِ جَارِحَةٍ أَوْ سِنٍّ أَوْ زِيَادَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَعُيُوبُ الرَّقِيقِ مِنْ فِعْلِهِ كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ إِذَا كَانَ مِنْ مُمَيَّزٍ) وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " لِأَنَّ الزِّنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute