وَالْإِمْسَاكِ مَعَ الْأَرْشِ، وَهُوَ قِسْطٌ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الصَّحِيحِ وَالْمَعِيبِ مِنَ الثَّمَنِ، وَمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَالْإِمْسَاكِ مَعَ الْأَرْشِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ مَعَ أَنَّهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لَمْ يَذْكُرَا خِلَافًا أَمَّا الرَّدُّ، فَلَا نِزَاعَ فِيهِ، إِذْ مُطْلَقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ بِدَلِيلِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى مَمْلُوكًا فَكَتَبَ: هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا، أَوْ أَمَةً لَا دَاءَ وَلَا خِبَثَةَ وَلَا غَائِلَةَ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ» وَإِذًا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بِظُهُورِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَهُ، وَإِزَالَةً لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الضَّرَرِ فِي بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ نَاقِصًا عَنْ حَقِّهِ، وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ مَعَ الْأَرْشِ فَلِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُعَوَّضِ، فَكُلُّ جُزْءٍ مِنَ الْعِوَضِ يُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنَ الْمُعَوَّضِ وَمَعَ الْعَيْبِ فَاتَ جُزْءٌ مِنْهُ فَيَرْجِعُ بِبَدَلِهِ، وَهُوَ الْأَرْشُ، وَعَنْهُ: لَا أَرْشَ لِمُمْسِكٍ لَهُ الرَّدُّ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ حِذَارًا مِنْ أَنْ يَلْزَمَ الْبَائِعُ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِإِخْرَاجِ مِلْكِهِ إِلَّا بِهَذَا الْعِوَضِ، فَإِلْزَامُهُ بِالْأَرْشِ إِلْزَامٌ لَهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَلْزَمْهُ، يُحَقِّقُهُ حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُصَرَّاةَ لَيْسَ فِيهَا عَيْبٌ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَإِنَّمَا مَلَكَ الْخِيَارَ فِيهَا بِالتَّدْلِيسِ لَا لِفَوَاتِ جُزْءٍ، فَلِذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ أَرْشًا بِخِلَافِ الْمَعِيبِ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ، فَلَمْ يَصِحَّ الْإِلْحَاقُ وَهَلْ يَأْخُذُ الْأَرْشُ مِنْ عَيِنِ الثَّمَنِ، أَوْ حَيْثُ شَاءَ الْبَائِعُ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْبِ الْيَسِيرِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ فِي " الرَّوْضَةِ " وَغَيْرِهَا، وَفِي " الِانْتِصَارِ " وَمُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ: لَا فَسْخَ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَةٍ وَآيَاتٍ فِي الْمُصْحَفِ لِلْعَادَةِ كَغَبَنٍ يَسِيرٍ، وَلَوْ مِنْ وَلِيٍّ، وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْوَفَاءِ، وَالْقَاضِي فِي جَامِعِهِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ عَادَةً مِنْ ذَلِكَ كَيَسِيرِ التُّرَابِ وَالْعَقْدِ فِي الْبُرِّ وَمَحَلِّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُفْضِ إِلَى الرِّبَا لِشِرَاءِ فِضَّةٍ بِزِنَتِهَا دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا مَعِيبَةً، أَوْ قَفِيزًا مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute