للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُحَرَّمَةٍ كَطُمْبُورٍ وَمِزْمَارٍ. (وَإِنْ تُمَوِّلَ رَضَاضُهَا) أَيْ: مُكَسَّرُهَا إذْ لَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ نَفْعٌ مُتَوَقَّعٌ بِرَضَاضِهَا؛ لِأَنَّهَا بِهَيْئَاتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ إنَاءِ ذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ.

(وَ) ثَالِثُهَا: (قُدْرَةُ تَسَلُّمِهِ) (الْمَبِيع) فِي بَيْعٍ غَيْرِ ضِمْنِيٍّ لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ ضَالٍّ) كَآبِقٍ، وَمَغْصُوبٍ، وَبَعِيرٍ نَدَّ (لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ) لِعَجْزِهِ عَنْ تَسَلُّمِهِ حَالًا بِخِلَافُ بَيْعِهِ لِقَادِرٍ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ فِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَسَابِقِهِ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ، وَلَعَلَّهُ لِقُرْبِ هَذَا مِنْ الْمَعْطُوفِ قَبْلَهُ لَكِنْ تَشْكُلُ إعَادَتُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا بَيْعُ جَانٍ مَعَ قُرْبِ هَذِهِ السَّابِقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَعَادَهَا فِي قَوْلِهِ: وَلَا بَيْعُ جَانٍ؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ فَلَوْ لَمْ يَعُدَّهَا لَتُوُهِّمَ رُجُوعُ الْقَيْدَيْنِ لِلْمَرْهُونِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: مُحَرَّمَةٍ) خَرَجَ غَيْرُهَا كَالنَّفِيرِ وَالطُّبُولِ غَيْرِ الدَّرَبُكَّةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تُمُوِّلَ رَضَاضُهَا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ،

وَقَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ رَدٌّ لِمَا تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: يَصِحُّ إنْ عَدَّ رَضَاضَهَا مَالًا؛ لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُتَوَقَّعًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا مَا دَامَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا سِوَى الْمَعْصِيَةِ وَبِهِ فَارَقَتْ صِحَّةَ بَيْعِ إنَاءِ النَّقْدِ قَبْلَ كَسْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِبَقَائِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا أَنْ تَكُونَ عَلَى حَالَةٍ بِحَيْثُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا مَا هِيَ لَهُ لَا تَحْتَاجُ إلَى صَنْعَةٍ، وَتَعَبٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ فَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ هُنَا بِحِلِّ بَيْعِ الْمُرَكَّبَةِ إذَا فُكَّ تَرْكِيبُهَا مَحْمُولٌ عَلَى فَكٍّ لَا تَعُودُ بَعْدَهُ لِهَيْئَتِهَا إلَّا بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ إنَاءِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَحِلُّ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ ح ل. وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ عَلَى مَنْعِ آلَةِ اللَّهْوِ وَالْأَصْنَامِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ قَصْدُ الْمَصْنُوعِ، وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ اللَّذَانِ هُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ، وَآلَةُ اللَّهْوِ غُلِّبَ فِيهَا اعْتِبَارُ قَصْدِ الصَّنْعَةِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي إنَّمَا تُقْصَدُ الْآلَةُ لِأَجْلِهَا، وَكَذَا الْأَصْنَامُ غُلِّبَ فِيهَا النَّظَرُ إلَى الْمَحْذُورِ. انْتَهَى عَمِيرَةُ سم

(قَوْلُهُ: وَقُدْرَةُ تَسَلُّمِهِ) أَيْ: يَقِينًا حِسًّا، وَشَرْعًا، وَالْمُرَادُ الْقُدْرَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ بِلَا مُؤْنَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسَلُّمِهِ حَالًا إلَخْ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْقُدْرَةِ حِسًّا بِقَوْلِهِ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ ضَالٍّ إلَخْ، وَمَفْهُومَ الْقُدْرَةِ شَرْعًا بِقَوْلِهِ: وَلَا جُزْءَ مُعَيَّنٍ إلَى آخِرِ الْأَمْثِلَةِ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْعٍ غَيْرِ ضِمْنِيٍّ) أَمَّا هُوَ فَيَصِحُّ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِزَاعِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ مَعَ كَوْنِهِ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَيَصِحُّ أَيْضًا بَيْعُ الْآبِقِ، وَالْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ انْتِزَاعِهِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِيُوثِقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ) أَيْ: مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ قُدْرَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِ الْمَبِيعِ لِيَثِقَ الْبَائِعُ بِحُصُولِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَلُّمِ يَرْجِعُ فِي ثَمَنِهِ فَلَا يَظْفَرُ بِهِ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ) وَهُوَ تَعْبِيرُهُ بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ لَيْسَتْ شَرْطًا لَكِنْ يُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ وِفَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ الْبَائِعُ قَادِرًا عَلَى التَّسْلِيمِ، وَالْمُشْتَرِي عَلَى التَّسَلُّمِ صَحَّ الْبَيْعُ جَزْمًا، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَادِرًا عَلَى التَّسَلُّمِ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الشَّرْحِ م ر وحج وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَقَرَّرَهُ ح ف.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ ضَالٍّ) أَيْ: وَلَوْ لِمَنْفَعَةِ الْعِتْقِ وَإِنْ عُرِفَ مَحَلُّهُ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ مَنْعَ بَيْعِ الضَّالِّ، وَالْآبِقِ، وَالْمَغْصُوبِ بِأَنَّ إعْتَاقَهُمْ جَائِزٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي شِرَائِهِ مَنْفَعَةٌ إلَّا حُصُولُ الثَّوَابِ بِالْعِتْقِ كَالْعَبْدِ الزَّمِنِ صَحَّ بَيْعُهُ، وَإِعْتَاقُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحِيحٌ، وَيَكُونُ قَبْضًا فَلِمَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ هَؤُلَاءِ إذَا كَانُوا زَمْنَى بَلْ مُطْلَقًا؛ لِوُجُودِ مَنْفَعَةٍ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَصِحُّ الشِّرَاءُ لَهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ هُنَا وُجِدَ حَائِلٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِخِلَافِ الزَّمِنِ لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَبَيْنَهَا حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنْ لَا مَنْفَعَةَ فِيمَا ذَكَرَ سِوَى الْعِتْقِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ م ر وَالْبِرْمَاوِيُّ وَمِثْلُهُ ز ي.

(قَوْلُهُ: كَآبِقٍ) بَيَانٌ لِلنَّحْوِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْآبِقِ وَالضَّالِّ، وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْمُخْتَارِ حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ اللَّامِ: وَالضَّالَّةُ مَا ضَلَّ أَيْ: ضَاعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ لِلذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَفِي الْقَافِ أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبِقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَضَمِّهَا أَيْ: هَرَبَ، وَاخْتِصَاصُ الْآبِقِ بِالرَّقِيقِ، وَالضَّالَّةِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ. (قَوْلُهُ: وَبَعِيرٍ نَدَّ) فِي الْمُخْتَارِ نَدَّ الْبَعِيرُ يَنِدُّ بِالْكَسْرِ نَدًّا بِالْفَتْحِ وَنِدَادًا بِالْكَسْرِ وَنُدُودًا بِالضَّمِّ: نَفَرَ، وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ شَارِدًا. (قَوْلُهُ: لِقَادِرٍ) أَيْ: يَقِينًا فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ احْتَمَلَ قُدْرَتَهُ وَعَدَمَهَا لَمْ يَجُزْ ح ل، وَمِثْلُ الْقَادِرِ الْعَاجِزُ إذَا كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ الْبَيْعُ ضِمْنِيًّا شَوْبَرِيٌّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعَجْزِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ: كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ فَبَانَ عَدَمُهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الِانْتِزَاعِ، وَبِأَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>