للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى مُؤْنَةٍ فَفِي الْمَطْلَبِ يَنْبَغِي الْمَنْعُ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى الضَّالِّ، وَالْآبِقِ، وَالْمَغْصُوبِ. (وَلَا) بَيْعُ (جُزْءٍ مُعَيَّنٍ يُنْقِصُ فَصْلُهُ) قِيمَتُهُ، أَوْ قِيمَةُ الْبَاقِي كَجُزْءِ إنَاءٍ، أَوْ ثَوْبٍ نَفِيسٍ يُنْقِصُ فَصْلُهُ مَا ذُكِرَ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ شَرْعًا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِيهِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْكَسْرِ، وَالْقَطْعِ وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعُ مَالٍ بِخِلَافِ مَا لَا يُنْقِصُ فَصْلُهُ مَا ذُكِرَ كَجُزْءِ غَلِيظِ كِرْبَاسٍ، وَذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَرْضٍ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ حُصُولُ التَّمْيِيزِ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ بِالْعَلَامَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ تَتَضَيَّقُ مَرَافِقُ الْأَرْضِ بِالْعَلَامَةِ، وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ فِي الْأَرْضَ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الثَّوْبِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّقْصَ فِيهَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّوْبِ، وَبِهِ يُجَابُ عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ أَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ مَعَ نَقْصِ الْقِيمَةِ بِالتَّفْرِيقِ، وَتَعْبِيرِي بِجُزْءٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنِصْفٍ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ حَيْثُ قُلْنَا بِمَنْعِهِ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ، ثُمَّ يَقْطَعَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ. أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ ذَلِكَ فَيَصِحُّ، وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا. (وَ) لَا بَيْعُ (مَرْهُونٍ عَلَى مَا يَأْتِي) فِي بَابِهِ مِنْ شَرْطِ كَوْنِ الْبَيْعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسَلُّمِهِ شَرْعًا، فَقَوْلِي عَلَى مَا يَأْتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْبَيْعِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: إلَى مُؤْنَةٍ) أَيْ: لَهَا وَقْعٌ، وَلَوْ تَحَمَّلَهَا الْبَائِعُ لِلْمِنَّةِ، وَالْمُؤْنَةُ إمَّا بِالْمَالِ، أَوْ إتْعَابِ الْبَدَنِ. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي الْمَنْعُ) أَيْ: مَنْعُ صِحَّةِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: كَجُزْءِ إنَاءٍ) أَيْ: وَكَجُزْءٍ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ بِخِلَافِ الْمُذَكَّى بِالْفِعْلِ شَرْحُ م ر، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُسْتَثْنَى إنَاءُ النَّقْدِ فَيَصِحُّ بَيْعُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ لِحُرْمَةِ اقْتِنَائِهِ، وَوُجُوبِ كَسْرِهِ. فَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ فِيهِ مُوَافِقٌ لِلْمَطْلُوبِ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ سم.

(قَوْلُهُ: نَفِيسٍ) لَمْ يَقُلْ نَفِيسَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النَّفَاسَةُ؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ مُطْلَقًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْكَسْرِ، أَوْ الْقَطْعِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مُعَيَّنٌ، وَقَبْضُهُ بِالنَّقْلِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ فَصْلَهُ وَلَا يَكْتَفِي فِي تَسْلِيمِهِ بِتَسْلِيمِ الْجُمْلَةِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْ الْكَسْرِ، وَالْقَطْعِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَمْتَنِعْ بَيْعُ أَحَدِ خُفَّيْنِ مَعَ نَقْصِ قِيمَةِ الْبَاقِي لِانْتِفَاءِ كُلٍّ مِنْ الْكَسْرِ، وَالْقَطْعِ وَهَذَا غَيْرُ جَوَابِ الشَّارِحِ الْآتِي ح ف.

(قَوْلُهُ: كِرْبَاسٍ) هُوَ الْقُطْنُ أَيْ: الثَّوْبُ مِنْ الْقُطْنِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَعَمُّ مِنْهُ ع ش، وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ الْكِرْبَاسُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْقُطْنِ الْأَبْيَضِ الثَّخِينِ، وَلَيْسَ هُوَ مُرَادُ الْفُقَهَاءِ. (قَوْلُهُ: وَذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ) كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الذِّرَاعَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ شَيْخُنَا. فَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْمُشَخَّصِ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ عَلِمَتْ ذُرْعَانَ الْأَرْضِ أَوْ لَا، بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ إنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الذُّرْعَانِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْجُزْئِيَّةِ، وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الذُّرْعَانِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ الِاخْتِلَافِ تَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ) أَيْ: النَّقْصِ وَتَضْيِيعِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ: انْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ. (قَوْلُهُ: وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ) أَيْ: بِسَبَبِ ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الثَّوْبِ) أَيْ: بَيْنَ كَوْنِ فَصْلِهِ يَنْقُصُ قِيمَتَهُ، أَوْ قِيمَةَ الْبَاقِي، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ) أَيْ: بِإِزَالَةِ الْعَلَامَةِ، أَوْ بِشِرَاءِ قِطْعَةِ أَرْضٍ بِجَانِبِهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: زَوْجَيْ خُفٍّ) أَيْ: فَرْدَتَيْ خُفٍّ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَالُ: لَهَا زَوْجٌ؛ لِأَنَّهَا مُزَاوِجَةٌ لِصَاحِبَتِهَا، وَفِي الْمُخْتَارِ الزَّوْجُ: ضِدُّ الْفَرْدِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَمَّى زَوْجًا أَيْضًا يُقَالُ: لِلِاثْنَيْنِ هُمَا زَوْجَانِ قَالَ تَعَالَى: {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [هود: ٤٠] وَقَالَ: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الأنعام: ١٤٣] وَفَسَّرَهَا بِثَمَانِيَةِ أَفْرَادٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ نَقْصِ الْقِيمَةِ بِالتَّفْرِيقِ) ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِشِرَاءِ مِثْلِهَا. (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا هِيَ طَرِيقَةٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَا لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الْقَطْعِ الَّذِي فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ سُومِحَ لَهُ فِي الْقَطْعِ حِينَئِذٍ رَجَاءً لِغَرَضِ الشِّرَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ إنَّمَا تَحْرُمُ إنْ قُصِدَتْ عَبَثًا، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لِغَرَضٍ نَعَمْ لَوْ زِيدَ لَهُ عَلَى قِيمَةِ الْمَقْطُوعِ مَا يُسَاوِي النَّقْصَ الْحَاصِلَ فِي الْبَاقِي فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ فِي الْقَطْعِ إذْ لَا إضَاعَةَ مَالٍ حِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حِيلَةٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ) وَهَلْ مِثْلُ الثَّوْبِ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءُ، وَالسَّيْفُ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْسَجُ لِيُقْطَعَ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ اُنْظُرْهُ ح ل الظَّاهِرُ لَا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ قُلْنَا يَمْنَعُهُ) بِأَنْ كَانَ فَصْلُهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ، أَوْ قِيمَةَ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ إلَخْ) أَيْ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ مُرِيدِ الشِّرَاءِ بَاطِنًا حَرُمَ عَلَيْهِ مُوَاطَأَةُ الْبَائِعِ لِتَغْرِيرِهِ بِمُوَاطَأَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُرِيدًا ثُمَّ عُرِضَ لَهُ عَدَمُ الشِّرَاءِ بَعْدُ لَمْ تَحْرُمْ الْمُوَاطَأَةُ، وَلَا عَدَمُ الشِّرَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالْقَطْعِ فِيهِمَا وَيَصْدُقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي امْتِنَاعِ الْبَيْعِ مَوْجُودَةٌ فِي ذَلِكَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ إلْزَامٍ شَرْعِيٍّ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْظَرْ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِ مَنْ وَافَقَ عَلَى الشِّرَاءِ عَنْهُ لِمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ح ل، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ رَجَعَ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ،

وَقَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِمَّا يَنْقُصُ فَصْلُ الْجُزْءِ مِنْهُ قِيمَتَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ مَرْهُونٍ) أَيْ: لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ ع ش.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَبْضِ) أَمَّا قَبْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>