مَنْ اعْتَادَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَلَا سَبِيلَ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ الْمَحْضِ فِي الطُّهْرِ وَإِلَّا أَخَذَ بِالطُّهْرِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَعَدَمِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْأَصْلِ وَالتَّحْقِيقِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ لُزُومَ الْوُضُوءِ بِكُلِّ حَالٍ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْد جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا.
(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ (سُنَّ لِقَاضِي الْحَاجَةِ) مِنْ الْخَارِجِ مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَدَمُهُ أَيْ: عَدَمُ الرَّافِعِ أَيْ: عَدَمُ تَأَخُّرِ الطُّهْرِ عَنْ الْحَدَثِ، وَيُعَارَضُ بِالْمِثْلِ فَيُقَالُ: وَتَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ أَيْضًا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَمَا الْمُرَجِّحُ؟ . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَجِّحَ هُوَ اعْتِيَادُ التَّجْدِيدِ الْمُقْتَضِي لِكَوْنِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ. ح ل.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ مَا قَبْلَهُمَا) مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ فِيمَا سَبَقَ تَقْدِيرُهُ فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا يَأْخُذُ بِهِ إنْ تَذَكَّرَهُ قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يُرْفَعُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ الشَّكُّ فِي خُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَيُصَلُّونَ ظُهْرًا ثَانِيًا الشَّكُّ فِي بَقَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فَيَفْسُدُ ثَالِثُهَا الشَّكُّ فِي وُصُولِهِ مَقْصِدَهُ، فَيَتِمُّ رَابِعُهَا الشَّكُّ فِي نِيَّةِ الْإِتْمَامِ فَيَتِمُّ أَيْضًا لِأَنَّ هَذِهِ رُخَصٌ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْيَقِينِ، وَحِينَئِذٍ فَكُلُّ رُخْصَةٍ كَذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَذْكُورَاتِ بَلْ غَيْرُ الرُّخَصِ يَقَعُ فِيهَا ذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ مَا قَبْلَهُمَا وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ مِنْ طُهْرٍ فَقَطْ أَوْ حَدَثٍ فَقَطْ قَالَ ز ي: فَإِنْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا طُهْرًا وَحَدَثًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا نَظَرَ مَا قَبْلَهُمَا وَأَخَذَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا قَبْلَهُ وَجَهِلَ السَّابِقَ أَخَذَ بِضِدِّهِ وَهَكَذَا يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ بِضِدِّهِ فِي الشَّفْعِ بِمِثْلِهِ مَعَ اعْتِبَارِ عَادَةِ تَجْدِيدِهِ وَعَدَمِهَا اهـ عُبَابٌ وَقَوْلُ ز ي أَخَذَ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ هَذِهِ شَفْعٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْتَبَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ قَوْلُهُ فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ. اهـ.
وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: تَيَقَّنَ طُهْرًا وَحَدَثًا بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا وَتَيَقُّنُهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ كَذَلِكَ وَتَيَقُّنُهُمَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَذَلِكَ فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ أُولَاهَا مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَاتِبِ الشَّكِّ وَمَا قَبْلَ الْفَجْرِ هُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ وَمَا بَعْدَ الشَّمْسِ هُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ فَيَنْظُرُ إلَى مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَقَبْلِ الْمَغْرِبِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ إذْ ذَاكَ مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ أَيْ: قَبْلَ الْعِشَاءِ مُتَطَهِّرٌ أَوْ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ وَإِلَّا فَمُتَطَهِّرٌ، ثُمَّ يَنْقُلُ الْكَلَامَ إلَى الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ هِيَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَ حَكَمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالْحَدَثِ فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ ثُمَّ يَنْقُلُ الْكَلَامَ إلَى مَا بَعْدَ الشَّمْسِ مِثْلُ مَا سَبَقَ فَقَوْلُ الْمُحَشِّي يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ بِالضِّدِّ، وَفِي الشَّفْعِ بِالْمِثْلِ مُرَادُهُ الضِّدُّ وَالْمَلَلُ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ أَوَّلِ مَرَاتِبِ الشَّكِّ، وَهُوَ الْمُتَيَقِّنُ لَا بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ آخِرِهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُحَشِّي.
، وَالْوِتْرُ هُوَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الشَّكِّ كَقَبْلِ الْعِشَاءِ وَالْمُتَيَقِّنُ حَالُهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَالشَّفْعُ ثَانِي الْمَرَاتِبِ وَهُوَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَحَالُهُ بَعْدَ الشَّمْسِ وَتَرَ لِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ وَهَكَذَا عَلَى سُلُوكِ طَرِيقِ التَّرَقِّي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش م ر ح ف وَإِذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ تَجِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرَاتِبِ ضِدَّ مَا قَبْلَهَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَوَّلِ الْمَرَاتِبِ مُحْدِثًا فَهُوَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى مُتَطَهِّرٌ، وَإِذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِالتَّطَهُّرِ فَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ أَيْضًا، وَإِذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِالْحَدَثِ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ فِي الثَّالِثَةِ مُتَطَهِّرٌ وَإِذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِالتَّطَهُّرِ فَفِي الثَّالِثَةِ مُتَطَهِّرٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ فَمُتَطَهِّرٌ، وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ فَفِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ) أَيْ: الطُّهْرِ وَالْحَدَثِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ التَّجْدِيدَ ح ل (قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ) مُعْتَمَدٌ.
[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ]
(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ حُكْمِهِ وَشُرُوطِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ، فَقَالَ: الْعَانِيُّ إنَّمَا أَعَادَ الْعَامِلَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ آدَابَ مُسَلَّطَةٌ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ اهـ. قَالَ ح ل وَالْخَلَاءُ فِي الْأَصْلِ الْبِنَاءُ الْخَالِي نُقِلَ إلَى الْفِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عُرْفًا اهـ. بِاسْمِ شَيْطَانٍ يَسْكُنُهُ
، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِي آدَابِ دَاخِلِ الْخَلَاءِ لِأَنَّ الْآدَابَ الْآتِيَةَ إنَّمَا هِيَ لِدَاخِلِهِ لَا لَهُ وَالْآدَابُ بِالْمَدِّ جَمْعُ أَدَبٍ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْدُوبًا أَمْ وَاجِبًا، وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ فِي آدَابِ قَاضِي الْحَاجَةِ، فَقَدْ وَقَعَ فِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ الْآدَابِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ إلَّا تَرْكَ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ وَالِاسْتِنْجَاءِ بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ وَقَدَّمَ هَذَا الْفَصْلَ عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ يُسَنُّ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ فِي حَقِّ السَّلِيمِ وَأَخَّرَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ إشَارَةً إلَى جَوَازِ تَأَخُّرِهِ عَنْهُ فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ م ر، (قَوْلُهُ: سُنَّ لِقَاضِي الْحَاجَةِ) أَيْ مُخْرِجِهَا وَقَوْلُهُ: مِنْ الْخَارِجِ بَيَانٌ لِلْحَاجَةِ وَقَوْلُهُ: مِنْ قُبُلٍ، أَوْ دُبُرٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ