«، وَقَوْلُهُ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَغَيْرُ هُمَا، وَوُجُوبُهَا مُوسَعٌ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا، فَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَهَا إلَى أَثْنَاءِ وَقْتِهَا لَزِمَهُ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ
(بَابُ أَوْقَاتِهَا)
التَّرْجَمَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَلَمَّا كَانَ الظُّهْرُ أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ، وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي قَوْلِهِ: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] ، وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةٍ عَلَّمَهَا جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأْت كَغَيْرِي بِوَقْتِهَا فَقُلْت:
ــ
[حاشية البجيرمي]
رَكْعَتَيْنِ حَتَّى الْمَغْرِبِ وَزِيدَ فِيهَا رَكْعَةٌ، وَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِابْنِ حَجَرٍ أَنَّهَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَا عَدَا الْمَغْرِبِ. اهـ (قَوْلُهُ لِمُعَاذٍ) لَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي إيرَادِ هَذَا دَفْعُ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْخَمْسَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مُحْتَمَلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الشَّيْخَانِ وَلَا يَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ التَّنْبِيهَ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِ الشَّيْخَيْنِ وَأَمَّا إفَادَتُهُ أَنَّ ثَمَّ أَخْبَارًا غَيْرَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فَمُسْتَفَادٌ مِنْ الْكَافِ ع ش. (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا) جَمِيعًا وَشُرُوطَهَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ الْفِعْلُ أَوْ الْعَزْمُ إذَا ظَنَّ السَّلَامَةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَإِلَّا عَصَى قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ أَخَّرَ مَعَ ظَنِّ الْمَوْتِ عَصَى لَا يُقَالُ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَكُونَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً عَلَى التَّعْيِينِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّا نَقُولُ اللَّازِمُ كَوْنُهَا غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَى الْعَيْنِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَاطِلٍ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِجُمْلَةِ الْوَقْتِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ إخْلَاؤُهُ مُطْلَقًا عَنْهَا وَلَمْ يَلْزَمْ خِلَافُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ ع ش فَلَوْ مَاتَ بَعْدَ الْعَزْمِ وَقَبْلَ الْفِعْلِ لَمْ يَأْثَمْ بِخِلَافِ الْحَجِّ لِأَنَّ وَقْتَهُ غَيْرُ مَحْدُودٍ ح ل.
(قَوْلُهُ لَزِمَ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهَا) أَيْ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ بِأَنْ عَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ وَلَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهُ فِي الْوَقْتِ أَثِمَ ح ل فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ كَأَنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ فَطَالَبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ بِاسْتِيفَائِهِ فَأَمَرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ تَعَيَّنَتْ أَيْ الصَّلَاةُ فِيهِ أَيْ فِي أَوَّلِهِ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهَا لِأَنَّ الْوَقْتَ تَضِيقُ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ ع ش. وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَزْمٌ عَامٌّ وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَقِبَ الْبُلُوغِ عَلَى فِعْلِ كُلِّ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمَعَاصِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ سم فِي الْآيَاتِ ع ش.
[بَابُ أَوْقَاتِ الصَّلَاة]
صَدَّرَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ كِتَابَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ أَهَمَّهَا الْخَمْسُ وَأَهَمَّ شُرُوطِهَا مَوَاقِيتُهَا إذْ بِدُخُولِهَا تَجِبُ وَبِخُرُوجِهَا تَفُوتُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. وَقَوْلُهُ وَأَهَمُّ شُرُوطِهَا مَوَاقِيتُهَا أَيْ مِنْ أَهَمِّ شُرُوطِهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الطَّهَارَةَ أَهَمُّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى الْفَرِيضَةَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ وَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ جِنْسِهَا وَإِلَّا وَقَعَتْ عَنْهَا، وَإِذَا صَلَّاهَا ظَانًّا الطَّهَارَةَ فَتَبَيَّنَ عَدَمُهَا بَانَ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ أَصْلًا شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِي) وَهِيَ الْأَصْلُ أَيْ ذِكْرُ التَّرْجَمَةِ هُوَ الْأَصْلُ لِيُنَاسِبَ ذِكْرَ الْأَوْقَاتِ بَعْدُ، فَحَذْفُ الْأَصْلِ لَهَا لِمُجَرَّدِ الِاخْتِصَارِ ع ش. (قَوْلُهُ أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ وَانْظُرْ وَقْتَ ظُهُورِهَا وَلَعَلَّهُ يَوْمَ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ، فَالْمُرَادُ ظُهُورُ وُجُوبِهَا ح ل، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ ظُهُورِهَا وَقْتُ فِعْلِهَا فَلِهَذَا سُمِّيَتْ ظُهْرًا وَقِيلَ سُمِّيَتْ ظُهْرًا لِظُهُورِهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ أَوْ لِفِعْلِهَا وَقْتَ الظَّهِيرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ بَدَأَ أَيْضًا بِالصُّبْحِ فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} [طه: ١٣٠] ، فَهَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ سَابِقَةٌ عَلَى تِلْكَ فِي النُّزُولِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَقَدْ بَدَأَ اللَّهُ بَعْضَ الْعِلَّةِ وَتَمَامُهَا هُوَ مَجْمُوعُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فَلَا تَرِدُ الصُّبْحُ تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَانَ الظُّهْرُ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ ع ش وَشَيْخُنَا وَلَمْ تَجِبْ الصُّبْحُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْكَيْفِيَّةِ أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَصَلَ لَهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ وُجُوبَ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ وَهَذَا أَوْلَى لِمَا يَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ قَضَاءُ الصُّبْحِ وَلَمْ يَنْقُلْ وَلَوَجَبَ قَضَاءُ الْعِشَاءِ أَيْضًا لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ الْإِسْرَاءِ لَيْلًا ع ش مُلَخَّصًا. قَوْلُهُ {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] أَيْ زَوَالِهَا، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ. وَالْأَوْلَى كَوْنُهَا بِمَعْنَى بَعْدُ لِأَنَّ وَقْتَ الزِّوَالِ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ كَانَتْ الظُّهْرُ لِدَاوُدَ وَالْعَصْرُ لِسُلَيْمَانَ وَالْمَغْرِبُ لِيَعْقُوبَ وَالْعِشَاءُ لِيُونُسَ وَالصُّبْحُ لِآدَمَ وَنَظَمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute