أَحَدُهَا: (طُهْرٌ) لَهُ (أَوْ إمْكَانٌ) لِطُهْرِهِ (بِغَسْلٍ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَجِسٍ) كَكَلْبٍ، وَخَمْرٍ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَ طُهْرُهُ بِالِاسْتِحَالَةِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِي الْمَذْكُورَاتِ نَجَاسَةُ عَيْنِهَا فَأُلْحِقَ بِهَا بَاقِي نَجِسِ الْعَيْنِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَبِيعِ، وَقَوْلِي بِغَسْلٍ مِنْ زِيَادَتِي. (وَلَا) بَيْعُ (مُتَنَجِّسٍ لَا يُمْكِنُ طُهْرُهُ وَلَوْ دُهْنًا) تَنَجَّسَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَجِسِ الْعَيْنِ، وَلَا أَثَرَ لِإِمْكَانِ طُهْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِالْمُكَاثَرَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْخَمْرِ يُمْكِنُ طُهْرُهُ بِالتَّخَلُّلِ.
(وَ) ثَانِيهَا: (نَفْعٌ) بِهِ شَرْعًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: طُهْرٌ) وَلَوْ غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ فِي مِثْلِهِ، وَلَوْ كَانَ الطُّهْرُ بِالِاجْتِهَادِ فَبَيْعُ أَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ مِنْ الْمَاءِ، أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا قَالَ ح ل، وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُ طُهْرٌ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ نَحْوُ أَوَانِي الْخَزَفِ الْمَعْجُونَةِ بِالسِّرْجِينِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا لِلْعَفْوِ عَنْهَا فَهِيَ طَاهِرَةٌ حُكْمًا، وَقَوْلُ ح ل وَلَوْ كَانَ بِالِاجْتِهَادِ مِثْلُهُ فِي سم ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ يُعْلِمُ الْمُشْتَرِيَ بِالْحَالِ. انْتَهَى أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ اعْتِمَادًا عَلَى اجْتِهَادِ الْبَائِعِ، أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا كَذَا نُقِلَ عَنْ ع ش فَرَاجِعْهُ هَذَا وَقَدْ قِيلَ: الْمِلْكُ يُغْنِي عَنْ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ نَجَسَ الْعَيْنِ لَا يُمْلَكُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ إغْنَاءَهُ عَنْهَا لَا يَسْتَدْعِي عَدَمَ ذِكْرِهَا لِإِفَادَتِهِ تَحْرِيرَ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَالْوِفَاقِ مَعَ الْإِشَارَةِ لِرَدِّ مَا عَلَيْهِ الْمُخَالِفُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا مِنْ أَصْلِهَا شَرْحُ حَجّ، وَشَرْحُ م ر وَمَحَلُّ الْخِلَافِ هُوَ الطَّهَارَةُ، وَمَحَلُّ الْوِفَاقِ هُوَ الْمِلْكُ، وَيَدْخُلُ فِي الطَّاهِرِ الْمَائِعُ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ، وَلَمْ تُغَيِّرْهُ وَيَنْبَغِي ثُبُوتُ الْخِيَارِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ اعْتَقَدَ الْبَائِعُ النَّجَاسَةُ دُونَ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ، وَيَصِحُّ نَظَرًا لِعَقِيدَتِهِ أَوْ لَا نَظَرًا لِعَقِيدَةِ الْبَائِعِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ مُعْتَقِدَ النَّجَاسَةِ إذَا قَصَدَ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ، وَإِذَا قَصَدَ نَقْلَ الِاخْتِصَاصِ صَحَّ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ إمْكَانٌ لِطُهْرِهِ) أَيْ: فَالشَّرْطُ الْأَحَدُ الدَّائِرُ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ الْأَحَدِ الدَّائِرِ. (قَوْلُهُ: بِغُسْلٍ) أَيْ: كَثَوْبٍ تَنَجَّسَ بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا مِنْهُ قَالَ ع ش: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِعُسْرٍ، أَوْ بِمَئُونَةٍ لَهَا وَقَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِغُسْلٍ) هُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَخَرَجَ إمْكَانُ طُهْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ الْمُتَنَجِّسِ بِالْمُكَاثَرَةِ، وَإِمْكَانُ طُهْرِ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ، وَجِلْدُ الْمَيِّتَةِ بِالدَّبْغِ. (قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ) أَيْ: وَالنَّهْيُ عَنْ ثَمَنِهِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ بَيْعِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَذْكُورَاتِ) أَيْ: فِي الْحَدِيثَيْنِ أَيْ: وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِهَا ع ش (قَوْلُهُ: نَجَاسَةُ عَيْنِهَا) لَا عَدَمُ النَّفْعِ بِهَا لِوُجُودِهِ فِيهَا ح ل، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَهَا مَنَافِعُ فَالْخَمْرُ يُطْفَأُ بِهِ النَّارُ، وَيُعْجَنُ بِهِ الطِّينُ، وَالْمَيْتَةُ تُطْعَمُ لِلْجَوَارِحِ، وَيُطْلَى بِشَحْمِهَا السُّفُنُ، وَيُسْرَجُ بِهِ، وَالْكَلْبُ يَصِيدُ فَعَلِمْنَا أَنَّ مَنْشَأَ النَّهْيِ نَجَاسَةُ الْعَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَبِيعِ) أَيْ: لِشُمُولِهِ لِلثَّمَنِ، وَهَذِهِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ لَفْظِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَبِالنَّظَرِ لِلْحَقِيقَةِ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْمُثَمَّنِ فَلَا عُمُومَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ، وَغَيْرِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ مُتَنَجِّسٍ) أَيْ: بَيْعُهُ اسْتِقْلَالًا لَا تَبَعًا لِمَا هُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَإِلَّا فَبَيْعُ أَرْضٍ بُنِيَتْ بِلَبِنٍ، أَوْ آجُرٍّ عُجِنَ بِسِرْجِينٍ صَحِيحٌ ح ل وَمِثْلُهُ م ر قَالَ ق ل عَلَى خ ط: قَالَ شَيْخُنَا م ر وَالْبَيْعُ وَاقِعٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَقَالَ سم: الْوَجْهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَاقِعٌ عَلَى الطَّاهِرِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ غَيْرُهُ تَبَعًا بِنَقْلِ الْيَدِ فَرَاجِعْهُ. (تَنْبِيهٌ)
عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ بَيْعَ الْخَزَفِ الْمَخْلُوطِ بِالرَّمَادِ النَّجَسِ، أَوْ السِّرْجِينِ صَحِيحٌ كَالْأَزْيَارِ، وَالْجُرُرِ، وَالْمَوَاجِيرِ، وَالْقُلَلِ وَغَيْرِهَا وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا يُوضَعُ فِيهَا مِنْ الْمَائِعَاتِ فَلَا يَتَنَجَّسُ. (فَرْعٌ)
نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر صِحَّةُ بَيْعِ دَارٍ مَبْنِيَّةٍ بِسِرْجِينٍ فَقَطْ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ دُهْنًا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: بِصِحَّةِ بَيْعِهِ كَمَا فَهِمَهُ م ر مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَلِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: بِإِمْكَانِ طُهْرِهِ كَمَا فَهِمَهُ الْمَحَلِّيُّ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فَهُوَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ لَا يُمْكِنُ طُهْرُهُ، أَوْ فِي قَوْلِهِ: وَلَا بَيْعُ مُتَنَجِّسٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ ضَعِيفَيْنِ: الْقَوْلَ بِإِمْكَانِ طُهْرِهِ، وَالْقَوْلَ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِإِمْكَانِ طُهْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِمْكَانُ طُهْرِ قَلِيلِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ، وَكَثِيرِهِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ كَإِمْكَانِ طُهْرِ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ، وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ إذْ طَهُرَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِحَالَةِ لَا مِنْ بَابِ التَّطْهِيرِ أَيْ: فَلَوْ كَفَى طُهْرُهُ هُنَا بِالْمُكَاثَرَةِ لَكَفَى طُهْرُ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ جِنْسِ الطَّاهِرِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ التَّفْرِيعَ فَتَأَمَّلْ. (فَرْعٌ)
لَوْ تَصَدَّقَ، أَوْ وَهَبَ، أَوْ أَوْصَى بِالنَّجَسِ كَالدُّهْنِ، وَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِمَا صَحَّ عَلَى مَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ لَا التَّمْلِيكِ سم. ع ش
. (قَوْلُهُ: وَنَفْعٌ بِهِ) أَيْ: بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يُنْتَفَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute