للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالسِّلَاحِ. وَشِرَاءُ الْبَعْضِ مِنْ ذَلِكَ كَشِرَاءِ الْكُلِّ. وَسَائِرُ التَّمَلُّكَاتِ كَالشِّرَاءِ، وَيَصِحُّ بِكَرَاهَةٍ اكْتِرَاءُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ مَنَافِعِهِ، وَبِلَا كَرَاهَةٍ ارْتِهَانُهُ، وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ الْمُصْحَفِ، وَشِرَاؤُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) مُثَمَّنًا، أَوْ ثَمَنًا خَمْسَةُ أُمُورٍ:

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالسِّلَاحِ) أَجَابَ عَنْهُ م ر بِقَوْلِهِ: وَهُوَ هُنَا كُلُّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ، وَلَوْ دِرْعًا، وَتِرْسًا بِخِلَافِهِ فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِاخْتِلَافِ مَلْحَظِهِمَا. اهـ أَيْ: فَالْمُرَادُ بِهِ فِيهَا مَا يَدْفَعُ لَا مَا يَنْفَعُ. (قَوْلُهُ: وَشِرَاءُ الْبَعْضِ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْمُصْحَفِ، وَمَا بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ الْبَعْضُ الشَّائِعُ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ عَمَلُهُ كَالْأَعْمَالِ الْمُمْتَهَنَةِ، وَهُوَ شَرِيفٌ فِي قَوْمِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خِدْمَةُ مَسْجِدٍ، أَوْ عَالِمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُسَلِّمُهُ لَهُ الْحَاكِمُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِمُنَاسَبَتِهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ لِذِمِّيٍّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ مَا لَوْ اكْتَرَاهُ عَلَى عَمَلٍ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ مَالِكًا لِمَنَافِعِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا قَالَهُ ح ل، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ مُكِّنَ مِنْ الْعَمَلِ، وَلَا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، وَأَمَّا اكْتِرَاءُ الْمُصْحَفِ فَيُكْرَهُ، وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ مُصْحَفًا مَوْصُوفًا ثُمَّ عَيَّنَ، وَالْكَرَاهَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وس ل.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ مَنَافِعِهِ) بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُسْلِمٍ كَمَا قَالَهُ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَمَفْهُومُهُ أَنْ لَا يَكْفِيَ أَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ لِكَافِرٍ، ثُمَّ يَأْمُرُ ذَلِكَ الْكَافِرَ بِإِيجَارِهِ، وَهَكَذَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلَعَلَّهُ حَيْثُ فُهِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ التَّلَاعُبُ بِالْمُسْلِمِ، وَإِبْقَاؤُهُ فِي سَلْطَنَةِ الْكُفَّارِ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ إيجَارِهِ إلَى كَافِرٍ، وَهُوَ يُؤَجِّرُهُ إلَى كَافِرٍ آخَرَ إنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إلَى إيجَارِهِ لِمُسْلِمٍ، وَلَا يُمْكِنُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ فِي الْعَارِيَّةُ وَحِفْظِهِ فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مُسْلِمًا فِي حِفْظِهِ، وَأَنْ يَدْفَعَهُ لِمُسْلِمٍ يَخْدُمُهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَبِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ: لَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ الرَّاهِنِ، وَلَا يُسَلَّمُ لَهُ بَلْ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ م ر وَشَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ الْمُصْحَفِ) أَيْ: مَا يُسَمَّى عُرْفًا وَإِنْ كُتِبَ عَلَى هَيْئَةِ التَّمِيمَةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ نَوْعَ امْتِهَانٍ حَيْثُ جَعَلَ الْمُصْحَفَ كَالسِّلَعِ الَّتِي تُعْرَضُ لِلْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ. انْتَهَى. ح ل وَقَالَ ع ش: الْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ هُنَا خَالِصُ الْقُرْآنِ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ: وَإِسْلَامُ مَنْ يُشْتَرَى لَهُ مُصْحَفٌ عَلَى مَا سَبَقَ عَنْ م ر فَخَرَجَ بِهِ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَفْسِيرٍ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَقَلَّ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَكُتُبُ الْعِلْمِ، وَالْحَدِيثِ وَلَوْ قُدْسِيًّا فَلَا يُكْرَهُ بَيْعُهُ. (قَوْلُهُ: وَشِرَاؤُهُ) قِيلَ: وَثَمَنُهُ مُقَابِلٌ لِدَفَّتَيْهِ وَقِيلَ: بَدَلُ أُجْرَةِ نَسْخِهِ وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْبَيْعُ دُونَ الشِّرَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْإِعْرَاضِ، وَإِزَالَةِ الْمِلْكِ، وَلِمَا فِي الثَّانِي مِنْ الرَّغْبَةِ، وَالتَّحْصِيلِ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْقَصْدِينَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكُرِهَ بَيْعُ الْمُصْحَفِ بِلَا حَاجَةٍ لَا شِرَاؤُهُ.

. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الشُّرُوطِ قَبْلَ الصِّيغَةِ فَلَا تَكْفِي مُقَارَنَتُهَا، وَلَا بَعْضِهَا لِشَيْءٍ مِنْهَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لِشَخْصٍ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ مَثَلًا فَرَآهُ الْمُخَاطَبُ بِالْبَيْعِ حِينَئِذٍ وَقَالَ: قَبِلْت لَمْ يَنْعَقِدْ وَهُوَ بَعِيدٌ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ.

ثُمَّ رَأَيْتُ فِي ع ش عَلَى م ر فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ وَهُوَ الْعِلْمُ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَعُلِمَ بِهِ هَلْ يَكْفِي عِلْمُ الْمُشْتَرِي بِهِ حَالَ الْقَبُولِ فَقَطْ دُونَ حَالَ الْإِيجَابِ، وَالْوَجْهُ لَا سم وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي التَّوْلِيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِجَاهِلٍ بِالثَّمَنِ: وَلَّيْتُك انْعَقَدَ وَعَلِمَ الْمَوْلَى بِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ صَحَّ فَإِنَّ قِيَاسَهُ هُنَا الصِّحَّةُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ لَمَّا سَبَقَ تَعَلُّقُ الْعِلْمِ بِهَا كَانَتْ كَالْمَعْلُومِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: مُثَمَّنًا أَوْ ثَمَنًا) وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ كَوْنُ الثَّمَنِ مَنْفَعَةً، أَوْ لَا؟ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ مَا نَصُّهُ فَصْلٌ: كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَخِيَاطَةٍ، وَخِدْمَةٍ، وَبِنَاءٍ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهُ ثَمَنًا. (قَوْلُهُ: خَمْسَةُ أُمُورٍ) أَيْ: فَقَطْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ، وَأَمَّا الرِّبَوِيُّ فَسَيَأْتِي لَهُ شُرُوطٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْخَمْسَةِ، وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْخَمْسَةَ تَرْجِعُ إلَى شَرْطَيْنِ فَقَطْ، وَهُمَا كَوْنُهُ مَمْلُوكًا مُنْتَفَعًا بِهِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَالْعِلْمَ بِهِ، وَكَوْنَ الْمِلْكِ لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ شُرُوطٌ فِي الْعَاقِدِ، وَشَرْطُ الطَّهَارَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ النَّجَسَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ تَارَةً تُعْتَبَرُ مُضَافَةً لِلْعَاقِدِ، وَتَارَةً تُعْتَبَرُ مُضَافَةً لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ز ي، وَإِنَّمَا تُعْرَضُ لِعَدِّهَا هُنَا دُونَ مَا سَبَقَ لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِالتَّفْرِيعِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فَرُبَّمَا يَنْسَى ارْتِبَاطَ الْمُتَأَخِّرِ بِسَابِقِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>