(أَوْ مُسْلِمٌ، أَوْ مُرْتَدٌّ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ) لِمَا فِي مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُصْحَفِ، وَنَحْوِهِ مِنْ الْإِهَانَةِ، وَلِلْمُسْلِمِ مِنْ الْإِذْلَالِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] ، وَلِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ، أَوْ ابْنِهِ فَيَصِحُّ لِانْتِفَاءِ إذْلَالِهِ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ. وَقَوْلِي: أَوْ نَحْوُهُ مَعَ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ مِنْ زِيَادَتِي. وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوع بِمَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّ. (وَعَدَمُ حِرَابَةٌ مَنْ يُشْتَرَى لَهُ عِدَّةُ حَرْبٍ) كَسَيْفٍ، وَرُمْحٍ، وَنُشَّابٍ، وَتُرْسٍ، وَدِرْعٍ، وَخَيْلٍ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لِحَرْبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ أَيْ: فِي دَارِنَا فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِنَا، وَبِخِلَافِ غَيْرِ عِدَّةِ الْحَرْبِيِّ وَلَوْ مِمَّا يَتَأَتَّى مِنْهُ كَالْحَدِيدِ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ عِدَّةَ حَرْبٍ، وَتَعْبِيرِي بِهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ مِنْ أَهْلِ الِاطِّلَاعِ، وَالْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ لَا يُعَظِّمُونَهُمْ بِخِلَافِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَهُودِ قَالَهُ ح ل. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّوْبَرِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ كُتُبِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَقَاعَدُ أَيْ: لَا تَنْقُصُ عَنْ آثَارِ السَّلَفِ إذْ هُوَ أَثَرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ آلَةِ الْفِقْهِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْآثَارِ، وَعَنْ الْقُرْآنِ يَصِحُّ بَيْعُهَا شَيْخُنَا. وَقَوْلُ ح ل: بِخِلَافِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ انْتَهَى. فَيَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الْأَسْمَاءِ الْمُعَظَّمَةِ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ إهَانَةٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْلِمٌ، أَوْ مُرْتَدٌّ) أَيْ: وَلَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمُتَنَقِّلِ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ كَمَا فِي ح ل؛ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَهِيَ بَقَاءُ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِمَا فِي مِلْكِ الْكَافِرِ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ذَلِكَ لِكَافِرٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا اسْتَفْتَاهُ ذِمِّيٌّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ فِي السُّؤَالِ، أَوْ الْجَوَابِ لَفْظَ الْجَلَالَةِ فَتَنَبَّهَ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِيهِ الْخَطَأُ كَثِيرًا ع ش عَلَى م ر. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥] . (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْلِمِ مِنْ الْإِذْلَالِ) عَبَّرَ بِالْإِذْلَالِ فِي جَانِبِ الْمُسْلِمِ، وَبِالْإِهَانَةِ فِي جَانِبِ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي حَقِيقَةِ الْإِذْلَالِ أَنْ يَكُونَ لِلذَّلِيلِ شُعُورٌ يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الْحَسَنِ، وَالْقَبِيحِ فِي الْجُمْلَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: وَفِي تَمْكِينِ الْكَافِرِ مِنْهُ إزَالَةٌ لَهَا شَرْحُ حَجّ، وَفَسَّرُوا الْعَلَقَةَ بِالْمُطَالَبَةِ بِالْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ إزَالَتِهَا بِتَمْكِينِ الْكَافِرِ مِنْهُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْكَافِرِ شَيْخُنَا.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا تَضْعُفُ حِينَئِذٍ، أَوْ تُعْدَمُ لِتَقَوِّيهِ بِالْكَافِرِ مَعَ بُعْدِهِ عَنَّا وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ الْمُرَادُ بِعَلَقَةِ الْإِسْلَامِ مُطَالَبَتُهُ بِمَا مَضَى فِي حَالِ الرِّدَّةِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي إيضَاحِ هَذِهِ الْعِلَّةِ: إذَا كَانَ يُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ فَرُبَّمَا يُسْلِمُ إذَا طُولِبَ بِهِ فَيَبْقَى مُسْلِمًا تَحْتَ يَدِ الْكَافِرِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَأَبِيهِ، أَوْ ابْنِهِ) وَمِثْلُهُ: مَنْ أَقَرَّ، أَوْ شَهِدَ بِحُرِّيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِمَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ: فَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ لَا عَلَى النَّوَوِيِّ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ حِرَابَةٌ) خَرَجَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ قَالَ السُّبْكِيُّ يَصِحُّ بَيْعُ عِدَّةِ الْحَرْبِ لَهُمْ، وَلَكِنْ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يَتَّخِذُونَهَا لِذَلِكَ حَرُمَ مَعَ الصِّحَّةِ سم.
(قَوْلُهُ: عِدَّةُ حَرْبِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَدِرْعٍ) دِرْعُ الْحَدِيدِ مُؤَنَّثَةٌ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تُذَكَّرُ، وَتُؤَنَّثُ، وَدِرْعُ الْمَرْأَةِ قَمِيصُهَا، وَهُوَ مُذَكَّرٌ مُخْتَارٌ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَخَيْلٍ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ لِلرُّكُوبِ حَالًا، وَكَذَا مَا يُلْبَسُ لَهَا كَسَرْجٍ، وَلِجَامٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْخَيْلِ السُّفُنُ إذَا كَانُوا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا فِي الْبَحْرِ، وَخَرَجَ بِهِ نَحْوُ سِكِّينٍ صَغِيرٍ، وَمِقْشَطٍ، وَعَبْدٍ شُجَاعٍ، وَلَوْ كَبِيرًا إلَّا إنْ عُلِمَ مُقَاتَلَتُنَا بِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ) أَيْ: الْمَذْكُورِ لِحَرْبِيٍّ وَلَوْ كَانَ مُؤْمِنًا لِتَأَصُّلِ الْحِرَابَةِ فِيهِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ فِي قَبْضَتِنَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا) فَالْمَنْعُ مِنْهُ لِأَمْرٍ لَازِمٍ لِذَاتِهِ وَهُوَ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى قِتَالِنَا أَيْ: ظَنُّهَا فَأَلْحَقَ بِالذَّاتِيِّ فِي اقْتِضَاءِ الْمَنْعِ فِيهِ أَيْ: سَبَبُهُ الْفَسَادِ حَجّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) وَبِخِلَافِ الْبَاغِي، وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لِسُهُولَةِ تَدَارُكِ أَمْرِهِمَا شَرْحُ م ر وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ حِرَابَةٍ، أَوْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِحَرْبِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي دَارِنَا) أَيْ: فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِنَا، وَلَيْسَتْ الْحِرَابَةُ مُتَأَصِّلَةً فِيهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَدُسُّهُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: بِحُرْمَةِ الشِّرَاءِ مَعَ الصِّحَّةِ، وَخَرَجَ بِدَارِنَا مَا لَوْ ذَهَبَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ مَعَ بَقَاءِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَدَفْعِ الْجِزْيَةِ فَلَا يَصِحُّ إذْ لَيْسَ فِي قَبْضَتِنَا، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ فِي قَبْضَتِنَا مَا دَامَ مُلْتَزِمًا لِعَهْدِنَا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقَيِّدْ الْجَلَالُ بِدَارِنَا ح ل وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ فِي دَارِنَا. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ عِدَّةَ حَرْبٍ) فَإِنْ ظُنَّ جَعْلُهُ سِلَاحًا حَرُمَ، وَصَحَّ بَيْعُهُ لِبَاغٍ، وَقَاطِعِ طَرِيقٍ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ مَعْصُومٌ بِجَعْلِهِمْ لَهُ عِدَّةَ حَرْبٍ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ لَهُمْ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ نَامَ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ، وَأَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِعَدَمِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِالنَّقْضِ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ النَّوْمَ نَفْسَهُ نَاقِضًا إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْيَقِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute