للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ لِدُخُولِهِ فِي فِدْيَةِ الْجِمَاعِ وَكَالْمُقَدَّمَاتِ الِاسْتِمْنَاءُ بِعُضْوِهِ كَيَدِهِ لَكِنْ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ الدَّمُ إنْ أَنْزَلَ (وَيَفْسُدُ بِهِ) أَيْ: بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ الْخُنْثَى (حَجّ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْآيَةِ.

وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ اقْتِضَاءُ الْفَسَادِ (قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ) لَا بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ (وَ) تَفْسُدُ بِهِ (عُمْرَةٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مُفْرَدَةٌ) كَالْحَجِّ وَغَيْرُ الْمُفْرَدَةِ تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ صِحَّةً وَفَسَادًا (وَيَجِبُ بِهِ) أَيْ: بِالْوَطْءِ الْمُفْسِدِ (بَدَنَةٌ) بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ كَانَ النُّسُكُ نَفْلًا (عَلَى الرَّجُلِ) رَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ.

وَالْبَدَنَةُ الْمُرَادَةُ الْوَاحِدُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ عَجَزَ فَسَبْعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ يُقَوِّمُ الْبَدَنَةَ وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا، ثُمَّ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي عَلَى الرَّجُلِ: الْمَرْأَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا غَيْرُ الْإِثْمِ (وَ) يَجِبُ بِهِ (مُضِيٌّ فِي فَاسِدِهِمَا) أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وَغَيْرُ النُّسُكِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَا يَتِمُّ فَاسِدُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ بِالْفَسَادِ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ (إعَادَةٌ فَوْرًا) وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهُ مُوَسَّعًا تَضِيقُ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَالنَّفَلُ مِنْ ذَلِكَ يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَرْضًا أَيْ: وَاجِبَ الْإِتْمَامِ كَالْفَرْضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّفْلِ.

فَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ عُمْرَةً فَإِعَادَتُهَا فَوْرًا ظَاهِرٌ، أَوْ حَجًّا فَيُتَصَوَّرُ فِي سَنَةِ الْفَسَادِ؛ بِأَنْ يُحْصَرَ بَعْدَ الْجِمَاعِ، أَوْ قَبْلَهُ وَيَتَعَذَّرَ الْمُضِيُّ فَيَتَحَلَّلَ، ثُمَّ يَزُولَ الْحَصْرُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَإِنْ لَمْ يُحْصَرْ أَعَادَ مِنْ قَابِلٍ. وَعَبَّرَ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْقَضَاءِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي وَقْتِهِ كَالصَّلَاةِ إذَا فَسَدَتْ وَأُعِيدَتْ فِي وَقْتِهَا وَتَقَعُ الْإِعَادَةُ عَنْ الْفَاسِدِ وَيَتَأَذَّى بِهَا مَا كَانَ يَتَأَدَّى بِالْأَدَاءِ لَوْلَا الْفَسَادُ مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَفْسَدَهَا بِوَطْءٍ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ أَيْضًا لَا إعَادَةٌ عَنْهَا بَلْ عَنْ الْأَصْلِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْإِعَادَةِ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مِيقَاتٍ، أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْإِحْرَامِ مِنْهُ نَعَمْ إنْ سَلَكَ فِيهَا غَيْرَ طَرِيقِ الْأَدَاءِ أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْ الْمُبَاشَرَةِ شَاةٌ تُذْبَحُ وَلَوْ كَرَّرَ الْقُبْلَةَ وَجَبَتْ شَاةٌ فَقَطْ إنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ. اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ: إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَكَذَا لَوْ تَرَاخَى عَنْهُ وَعِبَارَتُهُ وَسَوَاءٌ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْجِمَاعِ أَمْ قَصُرَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ دَمَ الْمُبَاشَرَةِ بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا يَنْدَرِجُ فِي بَدَنَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم عَلَى الْغَايَةِ التَّصْرِيحُ بِالِانْدِرَاجِ. اهـ. ع ش

وَحَاصِلُ مَا هُنَا أَنَّ قَوْلَهُ إنْ جَامَعَ عَقِبَهُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ التَّرَاخِي عَنْهُ وَعِبَارَةُ حَجّ نَعَمْ إنْ جَامَعَ بَعْدَهَا وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ دَخَلَتْ فِي وَاجِبِ الْجِمَاعِ وَمِثْلُهُ فِي م ر وَقَيَّدَهُ ح ل بِحَيْثُ يُعَدُّ مُقَدِّمَةً لِلْوَطْءِ فَوَاجِبُ الْمُقَدِّمَاتِ يَنْدَرِجُ فِي وَاجِبِ الْجِمَاعِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: لَا بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ) فَإِنَّهَا لَا تُفْسِدُهُ وَإِذَا تَكَرَّرَ الْجِمَاعُ حِينَئِذٍ وَجَبَ فِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ فِي كُلِّ جِمَاعٍ شَاةٌ وَتُبْطِلُهُمَا الرِّدَّةُ فَهَذَا مِنْ الْمَحَالِّ الَّتِي يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ ح ل وَقَوْلُهُ: فِي كُلِّ جِمَاعٍ شَاةٌ أَيْ: إنْ لَمْ يَتَّحِدْ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَإِلَّا وَجَبَتْ شَاةٌ فَقَطْ فِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ وَإِنْ تَكَرَّرَ كَمَا قَالَهُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: بَدَنَةٌ) أَيْ: لَهَا خَمْسُ سِنِينَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقَوِّمُ) أَيْ: ثُمَّ إنْ عَجَزَ يُقَوِّمُ إلَخْ وَهَلَّا قَالَ: فَإِنْ عَجَزَ قَوَّمَ إلَخْ فَإِنْ عَجَزَ صَامَ تَأَمَّلْ وَالْأَقْرَبُ فِي قِيمَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يَصُومُ بَدَلَهُ اعْتِبَارُ سِعْرِ مَكَّةَ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ كَمَا اُعْتُبِرَ فِي قِيمَةِ الْبَدَنَةِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا) ضَمَّنَ يَتَصَدَّقُ مَعْنَى يُعْطِي فَعَدَّاهُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَهُوَ يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى بَدَلِ وَقِيلَ: إنَّ طَعَامًا تَمْيِيزٌ وَالْمُرَادُ طَعَامًا مُجْزِئًا فِي الْفِطْرَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَصُومُ) وَيُسَمَّى هَذَا الدَّمُ دَمَ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ ز ي. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ أَيْ: مَعَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: مُضِيٌّ فِي فَاسِدِهِمَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا وَيَجْتَنِبَ سَائِرَ مَنْهِيَّاتِهِمَا؛ لِأَنَّ النُّسُكَ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ وَاللُّزُومِ اط ف (قَوْلُهُ: وَأَتِمُّوا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلْفَاسِدِ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْعِبَادَاتِ) اسْتَثْنَى الصَّوْمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ ذَاكَ خَرَجَ مِنْ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ بِخِلَافِ النُّسُكِ ح ل (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ نَفْلًا) عِبَارَةُ م ر وَلَوْ كَانَ نُسُكُهُ تَطَوُّعًا مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ قِنٍّ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ الصَّبِيِّ صَحِيحٌ وَتَطَوُّعَهُ كَتَطَوُّعِ الْبَالِغِ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَإِيجَابُهُ عَلَيْهِ لَيْسَ إيجَابَ تَكْلِيفٍ بَلْ مَعْنَاهُ تَرَتُّبُهُ فِي ذِمَّتِهِ كَغَرَامَةِ مَا أَتْلَفَهُ وَلَوْ كَانَ مَا أَفْسَدَهُ الْجِمَاعُ قَضَاءً وَجَبَ قَضَاءُ الْمَقْضِيِّ لَا الْقَضَاءُ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَأَفْسَدَ الْجَمِيعَ لَزِمَهُ قَضَاءٌ وَاحِدٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَكَفَّارَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ. اهـ. بِالْحَرْفِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَاجِبَ الْإِتْمَامِ) فَيَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ إتْمَامُهُ وَكَذَا عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ ح ف (قَوْلُهُ: فَيَتَحَلَّلُ) ، أَوْ يَتَحَلَّلُ لِمَرَضٍ بِشَرْطِ التَّحَلُّلِ لَهُ، ثُمَّ يُشْفَى اط ف. (قَوْلُهُ: وَالْوَقْتُ بَاقٍ) بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَيُحْرِمُ ثَانِيًا وَيَأْتِي بِالْأَعْمَالِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُحْصَرْ أَعَادَ مِنْ قَابِلٍ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ فَإِذَا أَتَمَّ أَعْمَالَهُ فَاتَ وَقْتُهُ فَلَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ فَوْرًا. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي الْإِحْصَارِ بِالْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ) وَهُوَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا وَلَوْ فِي وَقْتِهَا وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ مَعْنَاهُ لُغَةً الْأَدَاءُ يُقَالُ قَضَيْت الدَّيْنَ أَيْ: أَدَّيْته (قَوْلُهُ: أَفْسَدَهَا) أَيْ: الْإِعَادَةَ بِمَعْنَى الْمُعَادَةِ وَقَالَ ع ش: أَيْ: الْحَجَّةَ الثَّانِيَةَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ جَاوَزَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْإِعَادَةِ بِمَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ إلَخْ تَأَمَّلْ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>