للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِحْرَامِ فِي الْأَدَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَ فِيهِ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَإِلَّا أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي مِثْلِ الزَّمَنِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ بِالْأَدَاءِ.

(وَ) حَرُمَ بِهِ (تَعَرُّضٌ) وَلَوْ بِوَضْعِ يَدٍ بِشِرَاءٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (لِ) كُلِّ صَيْدٍ (مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ وَحْشِيٍّ) قَالَ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] أَيْ أَخْذُهُ مُسْتَأْنَسًا كَانَ، أَوْ لَا مَمْلُوكًا كَانَ، أَوْ لَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَإِنْ كَانَ بَرِّيًّا وَحْشِيًّا فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ بَلْ مِنْهُ مَا فِيهِ أَذًى كَنَمِرٍ وَنَسْرٍ فَيُسَنُّ قَتْلُهُ وَمِنْهُ مَا فِيهِ نَفْعٌ وَضَرٌّ كَفَهْدٍ وَصَقْرٍ فَلَا يُسَنُّ قَتْلُهُ لِنَفْعِهِ وَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ لِضَرِّهِ وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرٌّ كَسَرَطَانٍ، وَرَخَمَةٍ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ وَبِخِلَافِ الْبَحْرِيِّ وَإِنْ كَانَ الْبَحْرِيُّ فِي الْحَرَمِ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ وَمَا يَعِيشُ فِيهِ وَفِي الْبَرِّ كَالْبَرِّيِّ وَبِخِلَافِ الْإِنْسِيِّ وَإِنْ تَوَحَّشَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ حِلُّهُ وَلَا مُعَارِضَ.

(وَ) لِكُلِّ (مُتَوَلِّدٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَأْكُولِ الْمَذْكُورِ (وَمِنْ غَيْرِهِ) احْتِيَاطًا وَيَصْدُقُ غَيْرُهُ عَقْلًا بِغَيْرِ الْمَأْكُولِ مِنْ بَحْرِيٍّ، أَوْ بِرِّي وَحْشِيٍّ، أَوْ إنْسِيٍّ وَبِالْمَأْكُولِ مِنْ بَحْرِيٍّ، أَوْ إنْسِيٍّ كَمُتَوَلِّدٍ مِنْ ضَبُعٍ وَضِفْدَعٍ، أَوْ ذِئْبٍ، أَوْ حِمَارٍ إنْسِيٍّ وَكَمُتَوَلِّدٍ مِنْ ضَبُعٍ وَحُوتٍ، أَوْ شَاةٍ بِخِلَافِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ حِمَارٍ وَفَرَسٍ أَهْلِيَّيْنِ وَمِنْ ذِئْبٍ وَشَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ (كَحَلَالٍ) وَلَوْ كَافِرًا تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ الْآلَةُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا (بِحَرَمٍ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» وَقِيسَ بِمَكَّة بَاقِي الْحَرَمِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِصَيْدٍ مَمْلُوكٍ؛ لِأَنَّهُ صَيْدُ حِلٍّ وَتَعْبِيرِي بِالتَّعَرُّضِ لَهُ الشَّامِلِ لِلتَّعَرُّضِ لِجُزْئِهِ كَشَعْرِهِ وَبَيْضِهِ أَيْ: غَيْرِ الْمَذَرِ وَلَوْ بِإِعَانَتِهِ غَيْرَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِاصْطِيَادِهِ أَمَّا الْمَذَرُ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ (فَإِنْ تَلِفَ) مَا تَعَرَّضَ لَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَفْرِيعَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ فِي الْأَدَاءِ فِي شَوَّالٍ جَازَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ تَقْدِيمُهُ عَلَى شَوَّالٍ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ ز ي وَتَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى شَوَّالٍ فِي الْحَجِّ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ أَشْهُرِهِ شَوَّالٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعُمْرَةِ

. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ بِهِ تَعَرُّضٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَحَرُمَ بِهِ عَلَى كُلٍّ كَمَا قَالَهُ فِي جَمِيعِ نَظَائِرِهِ السَّابِقَةِ ح ف (قَوْلُهُ: مَأْكُولٍ) أَيْ: يَقِينًا ح ف. (قَوْلُهُ: وَحْشِيٍّ) أَيْ: أَصَالَةً وَإِنْ تَأَنَّسَ بِخِلَافِ الْإِنْسِيِّ وَإِنْ تَوَحَّشَ نَظَرًا لِأَصْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: ٩٦] الْمُرَادُ بِالصَّيْدِ الْمَصِيدُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ أَعْنِي قَوْلَهُ أَخَذَهُ.

(قَوْلُهُ: مَمْلُوكًا، أَوْ لَا) لَكِنْ يَجِبُ فِي الْمَمْلُوكِ شَيْئَانِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ وَمِثْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى يُصْرَفُ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ مَالِكِهِ بِرِضَاهُ كَعَارِيَّةٍ، وَقَدْ أَلْغَزَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:

عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ ... فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا

قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ ... وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعَا

شَرْحُ م ر وَالْأَصْلَانِ ضَمَانُ الْمُتَقَوِّمِ بِقِيمَتِهِ وَالْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ وَالْفَرْعُ الَّذِي تَفَرَّعَ عَلَيْهِمَا هُوَ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ إذَا أَتْلَفَهُ الْمُحْرِمُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ) الْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ ح ل وَعِبَارَةُ م ر كَالشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: كَالْبَرِّيِّ) أَيْ فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: وَيَصْدُقُ غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْمَأْكُولِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ: عَقْلًا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ كَالْمُتَوَلَّدِ مِنْ الضُّفْدَعِ وَالضَّبُعِ، أَوْ مِنْ الضُّفْدَعِ وَالْحُوتِ شَوْبَرِيٌّ

وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ خَمْسُ صُوَرٍ وَالضُّفْدَعُ بَحْرِيٌّ وَإِنْ كَانَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ، وَفِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: مِنْ ضَبُعٍ) هُوَ وَحْشِيٌّ مَأْكُولٌ وَالذِّئْبُ وَحْشِيٌّ غَيْرُ مَأْكُولٍ. (قَوْلُهُ: كُلًّا إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضًا) أَيْ: إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِي الْحِلِّ وَأَمَّا لَوْ اعْتَمَدَ عَلَى مَا فِي الْحِلِّ فَإِنْ أَصَابَ مَا فِي الْحَرَمِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا حَجّ وَقَرَّرَهُ ح ف، وَفَرَضَهَا الزِّيَادِيُّ فِي الصَّيْدِ كَأَنْ تَكُونَ رَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ وَقَوَائِمُهُ فِي الْحِلِّ وَعِبَارَتُهُ وَالْعِبْرَةُ بِالْقَوَائِمِ وَلَوْ وَاحِدَةً دُونَ الرَّأْسِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى قَائِمَتِهِ الَّتِي فِي الْحَرَمِ فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنْ لَا ضَمَانَ اهـ وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَهَلْ يَضْمَنُ، أَوْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْمُعْتَمَدُ الضَّمَانُ تَغْلِيبًا لِلْحَرَمِ وَعَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الرَّأْسِ شَرْطُهُ أَنْ يُصِيبَ الرَّامِي الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَلَوْ أَصَابَ رَأْسَهُ مَثَلًا فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ كُلُّهَا فِي الْحِلِّ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّ كَلَامَ الْقَاضِي يَقْتَضِيهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ اعْتَمَدَ عَلَى مَا فِي الْحِلِّ، أَوْ الْحَرَمِ؟ فَفِيهِ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا الْبَلَدَ) وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْحَرَمِ ح ف. (قَوْلُهُ بِحُرْمَةِ اللَّهِ) أَيْ: بِحُكْمِهِ الْأَزَلِيِّ الْقَدِيمِ، أَوْ الْمَعْنَى بِتَحْرِيمِ اللَّهِ قَبْلَ خَلْقِهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ لِأَنَّ مَكَّةَ خُلِقَتْ قَبْلَهُمَا ح ف. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْحَلَالِ إلَخْ كَأَنْ اصْطَادَ حَلَالٌ صَيْدًا خَارِجَ الْحَرَمِ وَبَاعَهُ مَثَلًا لِحَلَالٍ فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: التَّعَرُّضُ لِصَيْدٍ) أَيْ: بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَصْطَادهُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: غَيْرِ الْمَذَرِ) أَيْ: الْفَاسِدِ الَّذِي لَا فَرْخَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ قِشْرَهُ مُتَقَوِّمٌ قَالَ سم: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلْحُكْمَيْنِ قَبْلَهُ أَعْنِي عَدَمَ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لَهُ وَعَدَمَ الضَّمَانِ؛ إذْ قِيَاسُ ضَمَانِهِ حُرْمَةُ التَّعَرُّضِ لَهُ وَجَوَازُ التَّعَرُّضِ لَهُ مَعَ وُجُودِ الضَّمَانِ بَعِيدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَ مَا تَعَرَّضَ لَهُ إلَخْ) وَيَكُونُ مَيْتَةً إلَّا إنْ صَالَ عَلَيْهِ وَذَبَحَهُ الذَّبْحَ الشَّرْعِيَّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَيْتَةً ح ف

<<  <  ج: ص:  >  >>