للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَكْثَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ بِعُذْرٍ (وَلَاءٌ) مِنْ زِيَادَتِي بِأَنْ يَتَّحِدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ عُرْفًا (فِدْيَةٌ) أَمَّا فِي الْحَلْقِ بِعُذْرٍ فَلِآيَةِ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ: فَحَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ " فَفِدْيَةٌ " وَأَمَّا غَيْرُهُ فَبِالْأَوْلَى وَقِيسَ بِالْحَقِّ غَيْرُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ الْفِدْيَةَ مُخَيَّرَةٌ وَالشَّعْرَ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ. وَقِيسَ بِهَا الْأَظْفَارُ وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ وَلَوْ مَعَ شَعْرِ بَاقِي بَدَنِهِ وِلَاءً لَزِمَهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ إنْ أَطَلَّقَ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ لِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ وَلِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ فِيمَا إذَا أَذِنَ لِلْحَالِقِ، أَوْ سَكَتَ بِدَلِيلِ الْحِنْثِ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ فَقَدْ انْفَرَدَ الْمَحْلُوقُ بِالتَّرَفُّهِ وَلَا يَشْكُلُ هَذَا بِقَوْلِهِمْ الْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ نَفْعُهُ عَلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ كَمَا لَوْ غَصَبَ شَاةً وَأَمَرَ قَصَّابًا بِذَبْحِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا الْغَاصِبُ.

. (وَ) حَرُمَ بِهِ عَلَى كُلٍّ (وَطْءٌ) بِشُرُوطِهِ الَّتِي أَشَرْت إلَيْهَا فِيمَا مَرَّ قَالَ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧] أَيْ: فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا وَالرَّفَثُ مُفَسَّرٌ بِالْجِمَاعِ (وَمُقَدِّمَاتُهُ بِشَهْوَةٍ) كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَعَلَيْهِ دَمٌ لَكِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِيهَا مُدَّانِ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ بَعْضُ مُدٍّ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَالظُّفُرُ كَالشَّعْرِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهِ اتِّحَادًا وَانْفِرَادًا وَبَعْضًا وَكُلًّا ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعِبَارَةُ ع ش لَوْ أَزَالَ شَعْرَةً وَاحِدَةً فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّمَانُ أَوْ الْمَكَانُ وَجَبَتْ ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ لَا دَمٌ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِإِزَالَةِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَلَمْ تُوجَدْ اهـ. (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) أَيْ: وَلَوْ جَمِيعَ شَعْرِ رَأْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعُذْرٍ) أَيْ غَيْرُ التَّأَذِّي بِشَعْرٍ نَبَتَ بِعَيْنِهِ أَوْ غَطَّاهَا وَغَيْرُ التَّأَذِّي بِكَسْرِ الظُّفُرِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَعْنِي قَوْلَهُ بَلْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي التَّأَذِّي بِمَا ذُكِرَ فَالْعُذْرُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَوَسَخٍ وَكَثْرَةِ قُمَّلٍ ح ف. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَّحِدَ إلَخْ) فَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّ الْإِزَالَةِ، أَوْ مَكَانُهَا عُرْفًا وَجَبَ فِي كُلِّ شَعْرَةٍ، أَوْ بَعْضِهَا، أَوْ ظُفُرٍ، أَوْ بَعْضِهِ مُدٌّ وَالْمُرَادُ بِاتِّحَادِ الزَّمَانِ وُقُوعُ الْفِعْلِ عَلَى الْأَثَرِ الْمُعْتَادِ وَإِلَّا فَالِاتِّحَادُ الْحَقِيقِيُّ مَعَ الِاتِّحَادِ فِي الْفِعْلِ مِمَّا لَا يُتَصَوَّرُ ح ل. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ يُزِيلَ شَعْرَتَيْنِ مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَكَانُ) أَيْ: مَحَلُّ الْإِزَالَةِ أَيْ: الْمَكَانُ الَّذِي أَزَالَ فِيهِ ع ن وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَحَلَّ الْمُزَالِ كَالْعُضْوِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْ تَعَدُّدِ الْمَكَانِ تَعَدُّدُ الزَّمَانِ فَهَلَّا اكْتَفَى بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: التَّعَدُّدُ هُنَا عُرْفِيٌّ وَقَدْ يَتَعَدَّدُ الْمَكَانُ عُرْفًا وَلَا يَتَعَدَّدُ الزَّمَانُ عُرْفًا لِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ فَالْمُرَادُ بِاتِّحَادِ الزَّمَانِ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا وَبِاتِّحَادِ الْمَكَانِ أَنْ لَا يَتَعَدَّدَ الْمَكَانُ الَّذِي أَزَالَ فِيهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: فَحَلَقَ شَعْرَ إلَخْ) إنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ؛ لِكَوْنِهِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْإِزَالَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ فَيَعُمُّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ صَدٌّ عَنْ الِاسْتِيعَابِ، أَوْ يُقَدَّرُ الشَّعْرُ مُنَكَّرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ ز ي وح ل. (قَوْلُهُ: وَلِتَفْرِيطِهِ فِيمَا عَلَيْهِ حِفْظُهُ) عِبَارَةُ حَجّ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ كَالْوَدِيعَةِ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ مُتْلَفَاتِهِ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ الْحِنْثِ) أَيْ: عَلَى رَأْيٍ ضَعِيفٍ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنَاوَلَتْ فِعْلَهُ ز ي وَق ل أَيْ: فِيمَا إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَحْلِقُ رَأْسِي وَقَدْ يُقَالُ الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ يُعِدُّ حَلْقَ الْغَيْرِ لَهُ حَلْقًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ بِنَاءِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ إنْ لَمْ تَنْضَبِطْ اللُّغَةُ وَإِلَّا بُنِيَتْ عَلَيْهَا كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ: السُّكُوتُ وَالْإِذْنُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا لِغَاصِبٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ بِأَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ عِنْدَ جَهْلِ الْغَاصِبِ بِأَنَّهُ غَاصِبُهَا ز ي وَإِلَّا فَعَلَى الْقَصَّابِ

. (قَوْلُهُ: وَطِئَ) أَيْ: فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى زَوْجَةً، أَوْ مَمْلُوكَةً، أَوْ أَجْنَبِيَّةً عَلَى جِهَةِ الزِّنَا، أَوْ اللِّوَاطِ، أَوْ كَانَ الْجِمَاعُ فِي بَهِيمَةٍ وَلَوْ مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ عَلَى ذَكَرِهِ. اهـ. ز ي. (قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ) أَيْ: الْعَقْلِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامِ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ: فَلَا تَرْفُثُوا) فَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَلَوْ كَانَ خَبَرًا عَلَى بَابِهِ لَاسْتَحَالَ تَخَلُّفُهُ؛ لِأَنَّ خَبَرَ اللَّهِ لَا يَتَخَلَّفُ زي وَقَوْلُهُ: وَلَا تَفْسُقُوا عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (قَوْلُهُ: بِالْجِمَاعِ) وَالْفُسُوقُ بِالْمَعَاصِي وَالْجِدَالُ بِالْخِصَامِ اج.

(قَوْلُهُ: وَمُقَدِّمَاتُهُ بِشَهْوَةٍ) لَيْسَ مِنْهَا النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ وَالْقُبْلَةُ بِحَائِلٍ ح ل. وَحَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ الْمُكَلَّفِ بِشَهْوَةٍ وَبِلَا حَائِلٍ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَتَلْزَمُ فِيهَا الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ إنْ كَانَتْ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَمَتَى انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ وَأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِهَا النُّسُكُ مُطْلَقًا وَإِنْ أَنْزَلَ وَالِاسْتِمْنَاءُ كَذَلِكَ وَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ فِي التَّفَكُّرِ وَالنَّظَرِ مُطْلَقًا وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَفْسُدُ بِالْإِنْزَالِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) كَلَامُهُمْ هُنَا فِي الْمُبَاشَرَةِ شَامِلٌ لِمَا لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ كَالْأَمْرَدِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بُطْلَانِ الصَّوْمِ فَرَاجِعْهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُقَدِّمَاتُ مِنْ نَوْعٍ، أَوْ أَنْوَاعٍ فَإِنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ: شَاةٌ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ إلَّا فِي النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَالْقُبْلَةِ بِحَائِلٍ وَإِنْ أَنْزَلَ أَيْ: فَلَا دَمَ ح ل وَعِبَارَةُ اج وَيَجِبُ فِي الْقُبْلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>