شُعُورِ الْوَجْهِ كَحَاجِبٍ وَشَارِبٍ وَعَنْفَقَةٍ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ سَائِرُ الْبَدَنِ وَرَأْسُ أَقْرَعَ وَأَصْلَعَ وَذَقَنُ أَمْرَدَ فَلَا يَحْرُمُ دَهْنُهَا بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ تَزْيِينُهَا بِخِلَافِ الرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ يَحْرُمُ دَهْنُهُ بِذَلِكَ لِتَأْثِيرِهِ فِي تَحْسِينِ شَعْرِهِ الَّذِي يَنْبُتُ بَعْدَهُ.
(وَ) حَرُمَ بِهِ عَلَى كُلٍّ (إزَالَةُ شَعْرِهِ) مِنْ رَأْسِهِ وَغَيْرِهِ (أَوْ ظُفُرِهِ) مِنْ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] وَقِيسَ بِمَا فِي الْآيَةِ الْبَاقِي بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ وَبِبَعْضِهَا (لَا لِعُذْرٍ) بِكَثْرَةِ قُمَّلٍ، أَوْ بِتَدَاوٍ لِجِرَاحَةٍ، أَوْ بِتَأَذٍّ كَأَنْ تَأَذَّى بِشَعْرٍ نَبَتَ بِعَيْنِهِ، أَوْ غَطَّاهَا، أَوْ بِكَسْرِ ظُفُرِهِ فَلَا تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ بَلْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي التَّأَذِّي بِمَا ذُكِرَ كَمَا لَا تَلْزَمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونَ وَالصَّبِيَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ.
(وَفِي) إزَالَةِ (شَعْرَةٍ) وَاحِدَةٍ (أَوْ ظُفْرٍ) وَاحِدٍ، أَوْ بَعْضِ شَيْءٍ مِنْهُمَا (مُدٌّ) مِنْ طَعَامٍ (وَ) فِي (اثْنَيْنِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (مُدَّانِ) لِعُسْرِ تَبْعِيضِ الدَّمِ فَعَدَلَ إلَى الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَدَلَ الْحَيَوَانَ بِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ بَلْ بَعْضُهَا هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ، وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ بِهِ. وَذِكْرُ حُكْمِ الظُّفْرِ فِي هَذِهِ وَفِي الْعُذْرِ مِنْ زِيَادَتِي. هَذَا (إنْ اخْتَارَ دَمًا) فَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ فَفِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاعٌ وَفِي اثْنَيْنِ صَاعَانِ، أَوْ الصَّوْمُ فَفِي وَاحِدٍ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِي اثْنَيْنِ صَوْمُ يَوْمَيْنِ وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) فِي إزَالَةِ (ثَلَاثَةٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَعَرَاتٍ اج عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: شُعُورِ الْوَجْهِ) إلَّا شَعْرًا بِالْخَدِّ وَالْجَبْهَةِ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. حَجّ شَوْبَرِيٌّ؛ إذْ لَا يُقْصَدُ تَزْيِينُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَأَصْلَعَ) أَيْ: إذَا دَهَنَ مَحَلَّ الصَّلَعِ فَقَطْ وَإِلَّا بِأَنْ عَمَّهَا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ م ر. (قَوْلُهُ: وَذَقَنُ أَمْرَدَ) لَا فِي أَوَانِ نَبَاتِهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ابْنُ الرَّمْلِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: إزَالَةُ شَعْرِهِ) وَلَوْ مِنْ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَحَجْمٍ وَحَكٍّ بِنَحْوِ ظُفُرٍ كَتَحْرِيكِ رِجْلِ رَاكِبٍ عَلَى بَرْذعَةٍ، أَوْ قَتَبٍ وَامْتِشَاطٍ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ إزَالَتَهُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَلَا فِدْيَةَ وَمَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الِامْتِشَاطَ مُطْلَقًا ق ل (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِهِ) وَلَوْ كَشَطَ الْمُحْرِمُ جِلْدَةَ الرَّأْسِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ تَابِعٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَشَبَّهُوهُ بِمَا لَوْ أَرْضَعَتْ أُمُّ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَيْهَا وَلَوْ قَتَلَتْهَا لَمْ يَجِبْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ وَلَوْ مِمَّا يُطْلَبُ إزَالَتُهُ كَشَعْرِ الْعَانَةِ وَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ ق ل.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: الشَّعْرِ فِي الدَّهْنِ وَالْإِزَالَةِ ح ل وَقَوْلُهُ الْجِنْسُ فِيهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّعْرَ الْمُقَدَّرَ فِي {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: ٢٧] اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٌّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حُمِلَ هُنَا عَلَى الْجِنْسِ احْتِيَاطًا وَقَوْلُهُ: الصَّادِقِ بِالْوَاحِدَةِ إلَخْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ ق ل (قَوْلُهُ: نَبَتَ بِعَيْنِهِ) وَمِمَّا جَرِبَ لِإِزَالَتِهِ دَهْنَهُ بَعْدَ نَتْفِهِ بِالزَّبَادِ، أَوْ بِدَمِ الضُّفْدَعِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا يَأْتِي قَرِيبًا أَيْ: قَوْلُهُ: وَفِي إزَالَةِ ثَلَاثٍ وَلَاءٌ وَلَوْ بِعُذْرٍ فِدْيَةٌ وَيُخَالِفُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: ١٩٦] وَيُمْكِنُ دَفْعُ التَّنَافِي وَالْمُخَالَفَةِ بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَذَى فِي الْآيَةِ عَلَى الَّذِي لَيْسَ بِضَرُورَةٍ كَالتَّأَذِّي بِكَثْرَةِ الْقُمَّلِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦] لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ كَمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك» إلَخْ وَكَالتَّدَاوِي وَكَذَا الْعُذْرُ الْآتِي يُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ. وَأَمَّا حَالَةُ الضَّرُورَةِ كَالتَّأَذِّي بِالشَّعْرِ الْمَذْكُورِ وَبِكَسْرِ الظُّفُرِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْمَلِ الْآيَةِ كَمَا يُؤْخَذُ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ صَرِيحِ عِبَارَةِ م ر
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ح ل: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ لِضَرُورَةٍ لَا فِدْيَةَ فِيهِ وَمَا كَانَ لِحَاجَةٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ جَازَ الْفِعْلُ فِيهِمَا شَيْخُنَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِالتَّأَذِّي بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ: بِالشَّعْرِ الَّذِي نَبَتَ فِي الْعَيْنِ، أَوْ غَطَّاهَا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ الْمُزَالِ، أَوْ بِكَسْرِ ظُفُرٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَلَّمَ ظُفُرًا احْتَاجَ إلَيْهِ فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ قَالَ سم: فَلْيُتَنَبَّهْ لِتَمْيِيزِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى س ل. (قَوْلُهُ: كَمَا لَا تَلْزَمُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُمْ نَاقِصٌ فَلَا يُقَالُ الْإِتْلَافُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ أَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَخْتَصُّ بِالْمُمَيِّزِ ح ل؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَهَذَا أَوْلَى ح ف وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي أَنَّهُمَا يَعْقِلَانِ فِعْلَهُمَا فَيُنْسَبَانِ إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَةِ الْإِتْلَافِ وُجُوبُهَا عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَمِثْلُهُمْ فِي ذَلِكَ النَّائِمُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ اخْتَارَ دَمًا) أَيْ: لَوْ أَزَالَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّمِ وَثَلَاثَةِ آصُعَ وَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هَكَذَا قَرَّرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهُوَ يَئُولُ إلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّاعِ وَالْمُدِّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الشَّيْءِ وَبَعْضِهِ فَإِنَّ الْمُدَّ بَعْضُ الصَّاعِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ كَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ أَيْ: فِي حَقِّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اخْتِيَارِ الدَّمِ وَغَيْرِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا م ر وَاقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ ز ي وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: إنْ اخْتَارَ دَمًا أَيْ: لَوْ فُرِضَ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَزَالَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْمُدِّ وَالْمُدَّيْنِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ أَوْ الصَّوْمَ، أَوْ الدَّمَ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُدِّ أَوْ الْمُدَّيْنِ اسْتَقَرَّ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ كَالْكَفَّارَةِ وَلَا يَصُومُ عَنْ ذَلِكَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي م ر.
(قَوْلُهُ: وَفِي إزَالَةِ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ) وَكَذَا ثَلَاثَةُ أَبْعَاضٍ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute