نَعَمْ لَا تَجِبُ فِيمَا إذَا لَبِسَ الرَّجُلُ مِنْ الْمَخِيطِ لِعَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهِ كَسَرَاوِيلَ لَا يَتَأَتَّى الِائْتِزَارُ بِهِ، أَوْ خُفَّيْنِ قَطْعًا مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ وَقَوْلِي: إلَّا لِحَاجَةٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فِي لُبْسِ غَيْرِ الْقُفَّازِ وَمِنْ زِيَادَتِي فِي لُبْسِهِ.
. (وَ) حَرُمَ بِهِ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ (تَطْيِيبٌ) مِنْهُ (لِبَدَنِهِ) وَلَوْ بَاطِنًا بِنَحْوِ أَكْلٍ (أَوْ مَلْبُوسِهِ) وَلَوْ نَعْلًا وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَثَوْبِهِ (بِمَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ) الطَّيِّبَةُ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا كَمِسْكٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَفِيهِ الْفِدْيَةَ وَقَوْلِي: بِمَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِتَطْيِيبِهِ تَطْيِيبُ غَيْرِهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ، وَمَا لَوْ أَلْقَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ طِيبًا، وَشَمُّ مَاءٍ الْوَرْدِ، وَحَمْلُ الطِّيبِ فِي كِيسٍ مَرْبُوطٍ وَبِمَا بَعْدَهُ مَا لَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ طَيِّبَةً كَقُرُنْفُلٍ، وَأُتْرُجٍّ، وَشِيحٍ وَعُصْفُرٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ. لَكِنْ تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ فِي صُورَتَيْ تَطْيِيبِ غَيْرِهِ وَإِلْقَاءِ الرِّيحِ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ عَقْلٌ إلَّا السَّكْرَانَ، وَاخْتِيَارٌ، وَعِلْمٌ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامِ كَمَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ فِي سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَيُعْتَبَرُ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامِ هُنَا الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمَمْسُوسَ طِيبٌ يَعْلَقُ (وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُهُ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ بَدَنِهِ، أَوْ مَلْبُوسِهِ (بِنَحْوِ خَطْمِيٍّ) كَسِدْرٍ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنَّمَا يُسَنُّ تَرْكُهُ؛ لِأَنَّهُ لِإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ لَا لِلتَّزَيُّنِ وَالتَّنْمِيَةِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
. (وَ) حَرُمَ بِهِ عَلَى كُلٍّ (دَهْنُ شَعْرِ رَأْسِهِ، أَوْ لِحْيَتِهِ) بِدُهْنٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطَيِّبٍ كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ وَزُبْدٍ وَدُهْنِ لَوْزٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزْيِينِ الْمُنَافِي لِخَبَرِ «الْمُحْرِمُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ» أَيْ: شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ فَفِي ذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: التَّحْرِيمُ فِي بَقِيَّةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِقَوْلِهِ فَلَا يَحْرُمُ لَا لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تَجِبُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْحَاجَةَ إنْ كَانَ سَبَبُهَا الْفَقْدَ لَا فِدْيَةَ فَهِيَ تُجَوِّزُهُ مُطْلَقًا وَمُوجِبَةٌ لِلْفِدْيَةِ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ الْفَقْدِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى الِاتِّزَارُ بِهِ) وَلَوْ تَوَقَّفَ الِاتِّزَارُ عَلَى فَتْقِ السَّرَاوِيلِ وَخِيَاطَةِ إزَارٍ مِنْهُ لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ وَاسْتُشْكِلَ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ ز ي وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَطْعَهُمَا أَسْهَلُ مِنْ هَذَا. (قَوْلُهُ: قَطْعًا مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ) وَلَا يَضُرُّ سَتْرُهُمَا لِلْأَصَابِعِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا حَالَةُ ضَرُورَةٍ فَسُومِحَ فِيهَا بِمَا لَمْ يُسَامَحْ بِهِ فِي نَحْوِ قَبْقَابٍ، أَوْ تَاسُومَةٍ يَسْتُرُ سَيْرُهُمَا جَمِيعَ الْأَصَابِعِ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَذَّرُ، أَوْ يَتَعَسَّرُ الْمَشْيُ فِي الْخُفِّ لَوْ قُطِعَ حَتَّى صَارَ كَالتَّاسُومَةِ كَذَا فِي شَرْحُ الْإِيضَاحِ لِشَيْخِنَا شَوْبَرِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) وَجْهُ الْعُمُومِ أَنَّ الْحَاجَةَ تَشْمَلُ مَا لَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَاحْتَاجَ لِلُبْسِهِ لِدَفْعِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ع ش
. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ) مِنْ قَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، أَوْ وَرْسٌ» ح ل وَزي.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِتَطْيِيبِهِ) أَيْ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مِنْهُ وَإِلَّا فَكَلَامُهُ فِي الْمَتْنِ لَا يُخْرِجُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذْنِهِ أَيْ: وَبِغَيْرِ قُدْرَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ فِي صُورَةِ تَطْيِيبِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: كَقُرُنْفُلٍ) فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ غَالِبًا الدَّوَاءُ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِمَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ أَيْ: مَا مُعْظَمُ الْغَرَضُ مِنْهُ رَائِحَتُهُ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَخَرَجَ أَكْلُ الْعُودِ وَمَا مُعْظَمُ الْغَرَضُ مِنْهُ أَكْلُهُ كَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْأُتْرُّجِ وَالنَّارِنْجِ وَاللَّيْمُونِ وَنَحْوِهَا وَمَا مُعْظَمُ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّدَاوِي كَالْقُرُنْفُلِ وَالْقِرْفَةِ وَالْمَصْطَكَى وَالسُّنْبُلِ وَحَبِّ الْمَحْلَبِ وَنَحْوِهَا وَمَا مُعْظَمُ الْغَرَضُ مِنْهُ لَوْنُهُ كَالْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَتَى بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِالْحُرْمَةِ ح ل (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَ وَجَبَتْ) أَيْ: وَلَوْ قَلِيلًا ع ش. (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ عَدَمِ الْحَاجَةِ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ، أَوْ فِي عَدَمِ الْعُذْرِ ح ل بِزِيَادَةٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ كَوْنُ التَّطَيُّبِ مِنْهُ وَكَوْنُهُ بِمَا تُقْصَدُ بِهِ رَائِحَتُهُ فَهَذَانِ قَيْدَانِ يُضَمَّانِ لِلثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: كَمَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ) لَا يُقَالُ هَذَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ وَالْقَلْمُ وَالصَّيْدُ وَالنَّبَاتُ لِأَنَّا نَقُولُ كَلَامُهُ فِي التَّحْرِيمِ لَا فِي الْفِدْيَةِ ع ش عَلَى م ر شَوْبَرِيٌّ.
وَقَالَ ح ف: قَوْلُهُ: كَمَا تُعْتَبَرُ الثَّلَاثَةُ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْإِثْمِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَتَجِبُ فِيمَا كَانَ مِنْ الْإِتْلَافِ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَلَوْ مَعَ انْتِفَاءِ الثَّلَاثَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْإِتْلَافِ مِنْ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ كَقَتْلِ الصَّيْدِ، أَوْ أَخْذِ طَرَفًا مِنْ الْإِتْلَافِ وَطَرَفًا مِنْ التَّرَفُّهِ كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَغَيْرِهِمَا وَمَا كَانَ مِنْ التَّرَفُّهِ الْمَحْضِ كَالتَّطَيُّبِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِهِ الْعَقْلُ وَالِاخْتِيَارُ وَالْعِلْمُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ بِأَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ الْفِدْيَةَ وَكَذَا لَوْ ظَنَّهُ نَوْعًا لَيْسَ مِنْ الطِّيبِ فَكَانَ مِنْهُ فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِيهِمَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: طِيبٌ يَعْلَقُ) مِنْ بَابِ تَعِبَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ ع ش
. (قَوْلُهُ: دَهْنِ) بِفَتْحِ الدَّالِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّدَهُّنِ وَبِضَمِّهَا اسْمٌ لِمَا يُدْهَنُ بِهِ ز ي. (قَوْلُهُ: أَيْ: شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَجْلِ صِدْقِ الْخَبَرِ لِأَنَّا نَجِدُ كَثِيرًا مِنْ الْمُحْرِمِينَ لَيْسُوا شُعْثًا وَلَا غُبْرًا كَالْأُمَرَاءِ عَزِيزِيٌّ. وَمِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ كَثِيرًا تَلْوِيثُ الشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ بِالدُّهْنِ عِنْدَ أَكْلِ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدِ حَرَامٌ مَعَ الْفِدْيَةِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: فَفِي ذَلِكَ الْفِدْيَةِ) وَلَوْ بِدَهْنِ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ بَعْضِهَا لِحُصُولِ التَّرَفُّهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِزَالَةِ لِلشَّعْرِ، أَوْ الظُّفُرِ فَلَا تَجِبُ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ ق ل وَنَقَلَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ خِلَافًا لِابْنِ عُجَيْلٍ فِي اشْتِرَاطِ دَهْنِ ثَلَاثِ