للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَجْنُونٍ إفَاقَتُهُ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ فَيُجْزِئُ.

(وَيُجْزِئُ مُعَلَّقٌ) عِتْقُهُ (بِصِفَةٍ) كَمُدَبَّرٍ، بِأَنْ يُنَجِّزَ عِتْقَهُ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، أَوْ يُعَلِّقَهُ كَذَلِكَ بِصِفَةٍ أُخْرَى وَتُوجَدَ قَبْلَ الْأُولَى وَذَلِكَ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَلِّقٍ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمْت فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي فَأَسْلَمَ لَمْ يُجْزِ.

(وَنِصْفَا رَقِيقَيْنِ) أَعْتَقَهُمَا عَنْ كَفَّارَتِهِ وَ (بَاقِيهِمَا) أَوْ بَاقِي أَحَدِهِمَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (حُرٌّ) مُعْسِرًا كَانَ الْمُعْتِقُ أَوْ مُوسِرًا (أَوْ) رَقِيقٌ لَكِنْ (سَرَى) إلَيْهِ الْعِتْقُ بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُ الْعِتْقِ مِنْ التَّخَلُّصِ مِنْ الرِّقِّ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَرَقِيقَاهُ) إذَا أَعْتَقَهُمَا (عَنْ كَفَّارَتَيْهِ) سَوَاءٌ أَصَرَّحَ بِالتَّشْقِيصِ كَأَنْ قَالَ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ نِصْفُ ذَا وَنِصْفُ ذَا، وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ أَمْ أَطْلَقَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَيَقَعُ الْعِتْقُ مُشَقَّصًا فِي الْأُولَى وَغَيْرَ مُشَقَّصٍ فِي الثَّانِيَةِ وَذَلِكَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ إعْتَاقِ الرَّقِيقَيْنِ عَنْ الْكَفَّارَتَيْنِ بِذَلِكَ (لَا جَعْلُ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ كَفَّارَةً) عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَأَنْ يَقُولَ لِرَقِيقِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ، ثُمَّ يَقُولَ ثَانِيًا إنْ دَخَلْتهَا فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي، ثُمَّ يَدْخُلَهَا فَلَا يُجْزِئُ عَنْ كَفَّارَتِهِ، لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْعِتْقَ بِالتَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ فَيَقَعُ عَنْهُ.

(وَلَا مُسْتَحِقُّ عِتْقٍ) فَلَا تُجْزِئُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا صَحِيحُ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُمَا مُسْتَحَقٌّ بِالْإِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ فَيَقَعُ عَنْهُمَا دُونَ الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ فَاسِدِ الْكِتَابَةِ فَيُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَلَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِتَمَلُّكِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا فَلَوْ تَمَلَّكَهُ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا إلَى الْكَفَّارَةِ وَلَا مُشْتَرَى بِشَرْطِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ بِالشَّرْطِ وَلَمَّا ذَكَرُوا حُكْمَ الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِعِوَضٍ ثُمَّ اسْتَطْرَدُوا ذِكْرَ حُكْمِهِ فِي غَيْرِهَا تَبِعْتُهُمْ كَالْأَصْلِ فِي ذَلِكَ فَقُلْتُ (وَإِعْتَاقٌ بِمَالٍ كَخُلْعٍ) أَيْ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ يَشُوبُهَا تَعْلِيقٌ وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ تَشُوبُهَا جِعَالَةٌ.

(فَلَوْ قَالَ) لِغَيْرِهِ (اعْتِقْ أُمَّ وَلَدِك أَوْ عَبْدَك) وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ عَنْك (بِكَذَا فَأَعْتَقَ) أَيْ فَوْرًا (نَفَذَ) الْإِعْتَاقُ (بِهِ) لِالْتِزَامِهِ إيَّاهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ افْتِدَاءً مِنْ الْمُسْتَدْعِي كَاخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ.

(أَوْ) قَالَ (أَعْتِقْهُ) أَيْ عَبْدَك (عَنِّي بِكَذَا فَفَعَلَ مَلَكَهُ الطَّالِبُ بِهِ ثُمَّ عَتَقَ عَنْهُ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَحَقَّقَ بِإِخْبَارِ مَعْصُومٍ كَسَيِّدِنَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاعْتَمَدَهُ م ر سم. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَلِ النِّكَاحَ مَنْ اسْتَوَى زَمَنُ جُنُونِهِ وَإِفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِطُولِ نَظَرٍ وَاخْتِبَارٍ لِيَعْرِفَ الْأَكْفَاءَ وَلَا يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ مَعَ التَّسَاوِي شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُ) أَيْ: وَكَانَتْ إفَاقَتُهُ نَهَارًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ غَالِبَ الْكَسْبِ إنَّمَا يَتَيَسَّرُ نَهَارًا قَالَهُ حَجّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَتَيَسَّرُ لَهُ لَيْلًا أَجْزَأَ ح ل.

. (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ كَأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا جَاءَ رَجَبٌ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي وَكَأَنْ قَالَ لَهُ أَوَّلًا إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَنْت حُرٌّ فَالصِّفَةُ الْأُولَى مَجِيءُ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّعْلِيقِ) وَكَذَا عِنْدَ الْعِتْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِ) وَيَعْتِقُ لِوُجُودِ الْإِسْلَامِ ح ل.

. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْمُعْتِقُ مُوسِرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا) فَإِنَّهُ يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى لَوْ أَيْسَرَ وَمَلَكَ ذَلِكَ بِعَقْدٍ وَأَعْتَقَهُ تَبَيَّنَّا عِتْقَ النِّصْفَيْنِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّا نَحْكُمُ بِالْبُطْلَانِ ظَاهِرًا ح ل.

. (قَوْلُهُ: عَنْ كُلٍّ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ نِصْفُ ذَا وَنِصْفُ ذَا) يُوهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ رُبُعُ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نِصْفَ كُلٍّ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ كَفَّارَةٍ فَلَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى مَعَ، وَالْمُرَادُ بِالنِّصْفِ النِّصْفُ الدَّائِرُ الصَّادِقُ بِنِصْفَيْ كُلٍّ مِنْ الْعَبْدَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ الْعِتْقُ مُشَقَّصًا فِي الْأُولَى) فَإِذَا خَرَجَ فِي الْأُولَى أَحَدُهُمَا مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا لَمْ يُجْزِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ كَفَّارَتَيْهِ وَيَقَعُ كُلُّ عَبْدٍ عَنْ كَفَّارَةٍ فِي الثَّانِيَةِ فَإِذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا بَرِئَ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ: لَا جَعْلُ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقَ إلَخْ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ إشَارَةٌ إلَى قَيْدَيْنِ فِي الرَّقَبَةِ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَا مُسْتَحِقُّ عِتْقٍ) أَيْ اسْتِحْقَاقًا ذَاتِيًّا لَا يُمْكِنُ الْمُعْتِقَ دَفْعُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ الِاسْتِحْقَاقِ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الذَّاتِيُّ فَحِينَئِذٍ تُغَايِرُ هَذِهِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَيُجْزِئُ مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِصِفَةٍ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ (قَوْلُهُ: حُكْمَ الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِعِوَضٍ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَقَوْلُهُ حُكْمِهِ أَيْ: الْإِعْتَاقِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِهَا أَيْ: الْكَفَّارَةِ.

(قَوْلُهُ: أَعْتِقْ أُمَّ وَلَدِكَ) أَيْ: عَنْكَ أَوْ أَطْلِقْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ أُمَّ وَلَدِك إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ عَنْك. (قَوْلُهُ أَيْ: فَوْرًا) وَإِلَّا عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ مَجَّانًا م ر. (قَوْلُهُ: بِكَذَا) وَلَوْ غَيْرَ مَالٍ كَخَمْرٍ وَيَلْزَمُ الطَّالِبَ قِيمَةُ الْعَبْدِ كَالْخُلْعِ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ س ل وَعِبَارَةُ م ر وَعَلَيْهِ الْعِوَضُ الْمُسَمَّى إنْ مَلَكَهُ وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْعَبْدِ كَالْخُلْعِ فَإِنْ قَالَ مَجَّانًا لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ صَرَّحَ بِعَنْ كَفَّارَتِي أَوْ عَنِّي وَكَانَ عَلَيْهِ عِتْقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ الْعِتْقَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اقْضِ دَيْنِي وَإِلَّا فَلَا اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَتَقَ عَنْهُ عِبَارَةُ م ر وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَيْ: الطَّالِبُ يَمْلِكُهُ عَقِبَ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الِاسْتِدْعَاءِ؛ لِأَنَّهُ النَّاقِلُ لِلْمِلْكِ ثُمَّ عَقِبَ ذَلِكَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِتَأَخُّرِ الْعِتْقِ عَنْ الْمِلْكِ فَيَقَعَانِ فِي زَمَانَيْنِ لَطِيفَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِلَفْظِ الْإِعْتَاقِ بِنَاءً عَلَى تَرَتُّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>