للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمْ يُجْزِ عَنْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُجَرِّدْ الْإِعْتَاقَ لَهَا بَلْ ضَمَّ إلَيْهَا قَصْدَ الْعِوَضِ (وَ) بِلَا (عَيْبٍ يُخِلُّ بِعَمَلٍ) إخْلَالًا بَيِّنًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إعْتَاقِ الرَّقِيقِ تَكْمِيلُ حَالِهِ لِيَتَفَرَّغَ لِوَظَائِفِ الْأَحْرَارِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ بِكِفَايَتِهِ وَإِلَّا صَارَ كَلًّا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ.

(فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ) وَلَوْ ابْنَ يَوْمٍ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يُرْجَى كِبَرُهُ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَفَارَقَ الْغُرَّةَ حَيْثُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الصَّغِيرُ لِأَنَّهَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَلِأَنَّ غُرَّةَ الشَّيْءِ خِيَارُهُ (وَأَقْرَعُ وَأَعْرَجُ يُمْكِنُهُ تِبَاعُ مَشْيٍ) بِأَنْ يَكُونَ عَرَجُهُ غَيْرَ شَدِيدٍ (وَأَعْوَرُ) لَمْ يُضْعِفْ عَوَرُهُ بَصَرَ عَيْنِهِ السَّلِيمَةِ ضَعْفًا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ (وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ) يُفْهِمُ الْإِشَارَةَ وَتُفْهَمُ عَنْهُ (وَأَخْشَمُ وَفَاقِدُ أَنْفِهِ وَأُذُنَيْهِ وَأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ فَقْدَ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ بِخِلَافِ فَاقِدِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ (لَا) فَاقِدِ (رِجْلٍ أَوْ خِنْصَرٍ وَبِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ أَوْ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.

(أَوْ) فَاقِدِ أُنْمُلَتَيْنِ (مِنْ أُصْبُعٍ غَيْرِهِمَا أَوْ) فَاقِدِ (أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ) ؛ لِإِخْلَالِ كُلٍّ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِالْعَمَلِ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ زَمِنٌ وَلَا فَاقِدُ يَدٍ وَلَا فَاقِدُ أَصَابِعِهَا وَلَا فَاقِدُ أُصْبُعٍ مِنْ إبْهَامٍ وَسَبَّابَةٍ وَوُسْطَى وَأَنَّهُ يُجْزِئُ فَاقِدُ خِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ وَبِنْصَرٍ مِنْ الْأُخْرَى وَفَاقِدُ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ فَلَوْ فُقِدَتْ أَنَامِلُهُ الْعُلْيَا مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ أَجْزَأَ وَلَا يُجْزِئُ الْجَنِينُ وَإِنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُعْطَى حُكْمُ الْحَيِّ.

(وَلَا مَرِيضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَلَمْ يَبْرَأْ) كَذِي سُلٍّ وَهَرَمٍ بِخِلَافِ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَمَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إذَا بَرِئَ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِوُجُودِ الرَّجَاءِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَالْفَرْقُ تَحَقُّقُ الْيَأْسِ فِي الْعَمَى وَعَوْدُ الْبَصَرِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ بِخِلَافِ الْمَرَضِ (وَلَا مَجْنُونٌ إفَاقَتُهُ أَقَلُّ) مِنْ جُنُونِهِ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِقِيَاسٍ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى جَامِعٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْإِيمَانُ فِي غَيْرِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ ثَابِتًا بِالنَّصِّ وَمَعْنَى حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ الْحُكْمُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُطْلَقِ ذَلِكَ الْمُقَيَّدُ بِأَنْ يُقَيَّدَ بِقَيْدِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِ عَنْهَا) أَيْ: وَيَعْتِقُ بِوُجُودِ الْإِعْطَاءِ مِنْهُ أَوْ مِنْ زَيْدٍ عِتْقًا مَجَّانًا كَمَا فِي ع ش عَنْ سم.

(قَوْلُهُ: وَبِلَا عَيْبٍ) يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ السَّلَامَةِ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَعِيبًا عِنْدَ الْوُجُوبِ وَأَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ صَارَ سَلِيمًا أَجْزَأَهُ نَعَمْ إنْ عَجَّلَ عِتْقَهُ بِأَنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْعَوْدِ فِي الظِّهَارِ فَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُ سَلَامَتِهِ عِنْدَ الْوُجُوبِ أَيْضًا، نَعَمْ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُعَجَّلُ فِي الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلْيُرَاجَعْ م ر شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إعْتَاقِ الرَّقِيقِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعِيبَ عَيْبًا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ لَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ مُنْتَفٍ فِيهِ مَعَ أَنَّ ع ش صَرَّحَ بِأَنَّ الْعَبْدَ الزَّمِنَ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ تَبَرُّعًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْلِيلِ مَعَ كَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ صَدَرَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِيَتَفَرَّغَ) أَيْ حَالًا أَوْ مَآلًا فَلَا يَرِدُ الصَّغِيرُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْقِيَامِ بِكِفَايَتِهِ) فِيهِ نَظَرٌ لِإِجْزَاءِ الصَّغِيرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْقُدْرَةُ حَالًا أَوْ مَآلًا. (قَوْلُهُ: كَلًّا) أَيْ: ثِقَلًا عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُنْفِقٌ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ مُنْفِقٌ شَيْخُنَا.

. (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ) بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ فَإِنْ بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ ح ل وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِعَمَلٍ، وَذَكَرَ لَهُ صُوَرًا ثَمَانِيَةً وَقَوْلُهُ: لَا رِجْلٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى التَّفْرِيعِ، لَكِنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ مَا ذَكَرَ وَذَكَرَ لَهُ صُوَرًا سَبْعَةً (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) فِيهِ أَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُقَيَّدْ بِعَدَمِ الْعِوَضِيَّةِ وَبِعَدَمِ عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ فَهَلَّا تَمَسَّكْتُمْ بِالْإِطْلَاقِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا وَقُلْتُمْ بِإِجْزَائِهِ مَعَ الْعِوَضِ وَالْعَيْبِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِمَا عُلِمَ مِنْ السُّنَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: الصَّغِيرُ) أَيْ: غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَاعْتَبَرُوا فِي الْغُرَّةِ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ يُسَاوِي عُشْرَ دِيَةِ أُمِّهِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حَقُّ آدَمِيٍّ) وَهِيَ عِوَضٌ فَاحْتِيطَ لَهَا ح ل. (قَوْلُهُ أَعْرَجُ) بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْعَطْفِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ بِالْأَوْلَى ز ي. (قَوْلُهُ يُمْكِنُهُ تِبَاعُ مَشْيٍ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً ح ل. (قَوْلُهُ: وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ ا) فَإِنْ اجْتَمَعَا أَجْزَأَ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ الْخَرَسِ الْأَصْلِيِّ الصَّمَمَ، وَمَنْ وُلِدَ أَخْرَسَ يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ تَبَعًا أَوْ بِإِشَارَتِهِ الْمُفْهِمَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ خِلَافًا لِمَنْ اُشْتُرِطَ صَلَاتُهُ ح ل (قَوْلُهُ: وَأَخْشَمُ) وَهُوَ فَاقِدُ الشَّمِّ ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فَقْدَ ذَلِكَ) أَيْ جَمِيعِ مَا ذَكَرَ وَلَوْ اجْتَمَعَ جَمِيعُ مَا ذَكَرَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا فِي ذَلِكَ لِلدَّمِيرِيِّ ح ل وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَعُلِمَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ خِنْصَرٍ وَبِنْصِرٍ مِنْ يَدٍ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُجْزِئُ زَمِنٌ إلَخْ) هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِلَا عَيْبٍ تُضَمُّ لِلسَّبْعَةِ الَّتِي فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يُجْزِئُ فَاقِدُ خِنْصَرٍ إلَخْ) عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ يَدٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ) أَيْ: غَيْرِ الْإِبْهَامِ وَقَوْلُهُ: أَجْزَأَ لِأَنَّ أُنْمُلَةَ كُلِّ يَدٍ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ أُنْمُلَةَ إبْهَامٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ إلَخْ) وَلَا يُقَالُ بِإِجْزَائِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ.

. (قَوْلُهُ: وَهَرِمٍ) أَيْ: عَاجِزٍ عَنْ الْكَسْبِ فَإِنْ زَالَ عَجْزُهُ تَبَيَّنَ إجْزَاؤُهُ ع ش. (قَوْلُهُ فَلِوُجُودِ الرَّجَاءِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ صَارَ الْمَرَضُ بَعْدَ عِتْقِهِ غَيْرَ مَرْجُوِّ الْبُرْءِ لَا يَضُرُّ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَعَوْدُ الْبَصَرِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ بِجِنَايَةٍ فَأُخِذَتْ دِيَتُهُ ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقَ لَا يَزُولُ اهـ. وَلَك أَنْ تَحْمِلَ مَا فِي الْجِنَايَاتِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>