لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْبَيْعَ لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِعْنِيهِ بِكَذَا وَأَعْتِقْهُ عَنِّي وَقَدْ أَجَابَهُ فَيَعْتِقُ عَنْهُ بَعْدَ مِلْكِهِ لَهُ، أَمَّا لَوْ قَالَ اعْتِقْ أُمَّ وَلَدِكَ عَنِّي بِكَذَا فَفَعَلَ فَإِنَّ الْإِعْتَاقَ يَنْفُذُ عَنْ السَّيِّدِ لَا عَنْ الطَّالِبِ وَلَا عِوَضَ.
(وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْإِعْتَاقُ) عَنْ الْكَفَّارَةِ (مَنْ مَلَكَ رَقِيقًا أَوْ ثَمَنَهُ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ نَفَقَةً وَكُسْوَةً وَسُكْنَى وَنَحْوَهَا إذْ لَا يَلْحَقُهُ بِصَرْفِ ذَلِكَ إلَى الْكَفَّارَةِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ وَإِنَّمَا يَفُوتُهُ نَوْعُ رَفَاهِيَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ وَأَنْ يُقَدَّرَ بِسَنَةٍ وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْهُمَا الثَّانِيَ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهَا مَعَ أَنَّ مَنْقُولَ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ، وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِالثَّانِي عَلَى قِيَاسِ مَا صَنَعَ فِي الزَّكَاةِ، أَمَّا مَنْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ كَمَنْ مَلَكَ رَقِيقًا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهِ لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ ضَخَامَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهِ أَوْ مَنْصِبٍ يَأْبَى أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالْمَعْدُومِ.
(وَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُ ضَيْعَةٍ) أَيْ عَقَارٍ (وَرَأْسِ مَالٍ) لِتِجَارَةٍ (وَمَاشِيَةٍ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهَا) مِنْ غَلَّةِ الضَّيْعَةِ وَرِبْحِ مَالِ التِّجَارَةِ وَفَوَائِدِ الْمَاشِيَةِ مِنْ نِتَاجٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَنْ تِلْكَ) أَيْ كِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ لِتَحْصِيلِ رَقِيقٍ يُعْتِقُهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا بَلْ يَعْدِلُ إلَى الصَّوْمِ فَإِنْ فَضَلَ دَخْلُهَا عَنْ تِلْكَ لَزِمَهُ بَيْعُهَا، وَذِكْرُ الْمَاشِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا) بَيْعُ (مَسْكَنٍ وَرَقِيقٍ نَفِيسَيْنِ أَلِفَهُمَا) لِعُسْرِ مُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفِ وَنَفَاسَتِهِمَا بِأَنْ يَجِدَ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ مَسْكَنًا يَكْفِيهِ وَرَقِيقًا يُعْتِقُهُ وَبِثَمَنِ الرَّقِيقِ رَقِيقًا يَخْدُمُهُ وَرَقِيقًا يُعْتِقُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْلَفْهُمَا وَجَبَ بَيْعُهُمَا لِتَحْصِيلِ عَبْدٍ يُعْتِقُهُ.
(وَلَا) يَلْزَمُهُ (شِرَاءٌ بِغَبَنٍ) كَأَنْ وَجَدَ رَقِيقًا لَا يَبِيعُهُ مَالِكُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَا يَعْدِلُ إلَى الصَّوْمِ بَلْ عَلَيْهِ الصَّبْرُ إلَى أَنْ يَجِدَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ.
(فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَفِّرُ عَنْ إعْتَاقٍ حِسًّا أَوْ شَرْعًا (وَقْتَ أَدَاءٍ) لِلْكَفَّارَةِ (صَامَ شَهْرَيْنِ وَلَاءً) عَنْ كَفَّارَتِهِ فَالرَّقِيقُ لَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ إذْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ الصَّوْمِ إنْ أَضَرَّ بِهِ إلَّا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِتَضَرُّرِهِ بِدَوَامِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّرْطِ عَلَى الْمَشْرُوطِ اهـ وَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ الْمِلْكُ وَبِالْمَشْرُوطِ الْعِتْقُ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بِنَاءً عَلَى تَرَتُّبِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ) أَيْ: قَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي (قَوْلُهُ: يَنْفُذُ عَنْ السَّيِّدِ) لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ الْبَيْعَ.
. (قَوْلُهُ: فَاضِلًا) أَيْ: الرَّقِيقِ وَمِثْلُهُ الْإِطْعَامُ وَالْكُسْوَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثَةُ فَاضِلَةً عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهَا شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُدَّةِ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ الْكِفَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرِ الْغَالِبِ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ قُدِّرَ بِسَنَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا صَنَعَ فِي الزَّكَاةِ) مِنْ أَنَّ الْفَقِيرَ يُعْطَى مِنْهَا كِفَايَةَ سَنَةٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: مَانِعَةٍ مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهِ) أَيْ: بِحَيْثُ تَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَعِظَمِ جِسْمِهِ أَوْ لِوُجُودِ رُتْبَةٍ لَهُ وَعَلَيْهِ يَكُونُ عَطْفُ مَنْصِبٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْصِبٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ ح ل. (قَوْلُهُ: يَأْبَى أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ مَا مَنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَيَبْعُدُ فِيمَنْ اعْتَادَ مِمَّنْ ذَكَرَ خِدْمَةَ نَفْسِهِ وَصَارَ ذَلِكَ خُلُقًا لَهُ اعْتِبَارُ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ خَادِمٍ يَخْدُمُهُ ح ل.
. (قَوْلُهُ أَيْ: عَقَارٍ) كَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ مَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَضِيعُ بِتَرْكِهَا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِتَحْصِيلِ رَقِيقٍ يُعْتِقُهُ) أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ بَاعَهَا وَحَصَلَ مِنْهَا رَقَبَةٌ تُجْزِئُ صَارَ مِسْكَيْنَا وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْبَيْعِ الْمَنْفِيِّ، وَقَوْلُهُ: بَيْعُهَا أَيْ الْمَذْكُورَاتِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي مَا يَحْصُلُ بِهِ الزَّائِدُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا كحج أَنَّهُ يَبِيعُ الْفَاضِلَ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ وَإِلَّا فَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ الْجَمِيعِ ح ل إلَّا إنْ كَانَ الْفَاضِلُ مِنْ ثَمَنِهَا يَكْفِيهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا) عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ فِي قَوْلِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُ ضَيْعَةٍ إلَخْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ بَيْعُهَا) أَيْ: إذَا كَانَ الْفَاضِلُ يُحَصِّلُ رَقَبَةً تُجْزِئُ وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى بَعْضِ الرَّقَبَةِ لَا أَثَرَ لَهَا س ل. (قَوْلُهُ أَلِفَهُمَا) وَمَعْنَى أَلِفَهُمَا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُمَا مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فَلَوْ اتَّسَعَ الْمَسْكَنُ الْمَأْلُوفُ بِحَيْثُ يَكْفِيهِ بَعْضُهُ، وَبَاقِيهِ يُحَصِّلُ رَقَبَةً لَزِمَهُ تَحْصِيلُهَا ح ل قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَيُفَارِقُ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْحَجِّ مِنْ لُزُومِ بَيْعِ الْمَأْلُوفِ بِأَنَّ الْحَجَّ لَا بَدَلَ لَهُ وَلِلْإِعْتَاقِ بَدَلٌ وَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ مِنْ عَدَمِ تَبْقِيَةِ خَادِمٍ وَمَسْكَنٍ لَهُ بِأَنَّ لِلْكَفَّارَةِ بَدَلًا كَمَا مَرَّ وَبِأَنَّ حُقُوقَهُ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَمَنْ لَهُ أُجْرَةٌ تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ لِجَمْعِ الزِّيَادَةِ لِتَحْصِيلِ الْعِتْقِ فَلَهُ الصَّوْمُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ جَمْعُ الزِّيَادَةِ إلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ اجْتَمَعَتْ قَبْلَ الصَّوْمِ وَجَبَ الْعِتْقُ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ اهـ بِالْحَرْفِ.
. (قَوْلُهُ بِغَبَنٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا ح ل
(قَوْلُهُ: أَوْ شَرْعًا) بِأَنْ وَجَدَ الرَّقِيقَ لَكِنْ يَحْتَاجُهُ لِخِدْمَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَجِدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَعْدِلُ إلَى الصَّوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَقْتَ أَدَاءً) أَيْ: إرَادَةِ أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ أَيْ إخْرَاجِهَا وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ هُوَ وَقْتُ الْقَتْلِ وَوَقْتُ الْجِمَاعِ وَوَقْتُ عَوْدِهِ فِي الظِّهَارِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَجْزُهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَقِيلَ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَقْتَ أَدَاءً أَيْ إرَادَةِ الْإِخْرَاجِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ فَوْرًا وَإِنْ عَصَى بِسَبَبِهَا ح ل. (قَوْلُهُ: صَامَ شَهْرَيْنِ) أَيْ بِالْهِلَالِ وَإِنْ نَقَصَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ