صاحب اللسان، ثم زاد فأَظْهَرَنا على العلة فقال إن "سلام عليكم، حذفت منه الزيادة (وهي الألف واللام) كما يحذف الحرف الذي هو من أصل الكلمة في قولنا: (لم يك)، وعلة أخرى هي أنه لما كثر استعمال "السلام عليك" بالألف واللام حذفا لكثرة الاستعمال. وهذا تقرير يدل على أن اللغة والنحو والرواية تجعل الأصل في السلام المبدوء به هو التعريف.
بان شئت أن تعرف أين وقع هذا الكلام عن الأخفش فاطلبه في ص ١٥٢ ج ١ من كتاب تهذيب الأسماء واللغات للنووى وفي غيره أيضا. هذه ثانية.
فإذا شئت أن تزداد علما فخذ كتاب "المخصص" لابن سيده ج ١٢ ص ٣١١ واقرأ قوله: "فأما قولهم: سلام عليك، فإنما استجازوا حذف الألف واللام منه، والابتداء به وهو نكرة، لأنه في معنى الدعاء، ففيه وإن رفعتَ معنى المنصوب". يريد كأنك تدعو فتقول: "سلاما". وقوله "استجازوا" دليل على أن الأصل هو التعريف بالألف واللام في ابتداء التحية، وأن الحذف ترخُّص منهم، وهو شبيه بقول الأخفش. هذه ثالثة.
فإن شئت أن تضرب الأمثال لنفسك بالشعر كما ضربتها لي، فأقرأ قول جرير في ديوانه ص ٤٤٣ وفي النقائض ج ١ ص ٢١٢.
وإن شئت أن تقرأ قول لبيد في الخزانة ج ١ ص ٢١٧ - ٢١٨ وفي ديوانه:
إلى الحَوْلِ ثم اسْمُ السلامِ عليكُما ... ومن يبْكِ حوْلًا كاملًا فقد اعْتذَر
فافعل، تجد قولهم أن كلمة (اسم) مقحمة، وتقدير الكلام فيما يقول النحاة: "ثم السلام عليكما"، وتجد أيضًا في إحدى الروايات "إلى سنة ثم السلام عليكما". هذه سادسة (١).