سنة ١٩٤٦ - أي قبل قرار التقسيم بعام- بعنوان "من وراء حجاب". جَهَدَه التعبُ ليلة فتَغشَّتْه نَعْسَة، وسَبَح في غَمْرة رؤيا، وإذا به يُفْضِي في غَمْرَة هذه الرؤيا إلى مقصورة في مسجد، هي مقصورة أبي جعفر الطبري، كان الشيخ نائما فهاب الأستاذ شاكر أن يُوقظه، ونظر حوله فرأى أوراقًا كتبها تَتِمَّة لتاريخه المعررف باسم "تاريخ الأمم والملوك". فتناولها الأستاذ شاكر فإذا بها تبدأ من سنة ١٣٦٥ هجرية (الموافق ١٩٤٦ ميلادية). وهذه هي أول التتمة:
[ثم دخلت سنة خمس وستين وثلاثمائة بعد الألف]، ١٩٤٦.
ذكر ما كان فيها من الأحداث: فمن ذلك إجماع المجلسين الأمريكيين على فتح فلسطين لشذاذ المهاجرين من اليهود. وكتب إليَّ السُّدِّي، وهو مقيم هناك بأمريكا، أن موقف الرئيس ترومان الَّذي ادَّعاه من إيثاره العقل على الهوى في هذا الأمر، إنما كان حيلة مَخْبُوءة أراد أن يغرر بالبلاد العربية والإسلامية، ثم يفاجئها بحقيقته. وهو في ذلك إنما يعمل للظفر بمعونة اليهود في الانتخاب الآتي للرياسة. ولما كان هواه هو الَّذي يُصَرِّفه، فقد علم أنَّه طامع في الرياسة حريص عليها، وأن اليهود في أمريكا هم أهل المال، أي أهل السلطان، أي هم الأنصار الذين إذا خذلوه ضاع. قال السُّدِّي: وقد سمعت بعض أهل العقل والرأى في أمريكا يستنكرون ما كان منه ومن قرار مجلسيْه، ويَرَوْن أن الديمقراطية اليوم قد صارت كلمة يراد بها التدليس على عقول البشر ليبلغ بها القوِىَّ مأربه من الضعيف المغرور بهذه الرقية الساحرة التي يُدَنْدِنُون بها في الآذان. وقد أخبرني الثقة أن الرئيس ترومان قد أوحى إلى بعض بطانة السوء أن العرب والمسلمين قوم أهل غفلة، وأن دينهم يأمرهم بالصبر ويُلِحُّ فيه، فهم لا يلبثون أن يستكينوا للأمر إذا وقع، ولا يجدون في أنفسهم القدرة على تغييره أو الانتقاص منه، وأن الزمن إذا تطاول عليهم في شيء أَلِفوه ولم ينكروه، فإذا دام دخول اليهود فلسطين وبقى الأمر مُسنَدًا إلى الدولة المنتدبة (وهي بريطانيا)، وانفسح لحمقى اليهود مجال الدعوى والعمل والتبجُّح، وألَحَّ على العرب دائمًا إجماعُ الدنيا كلها (أي الديمقراطية) بأن الدولة اليهودية في فلسطين حقيقة ينبغي أن تكون وأن تتم كما