لا يتعدى صفحة واحدة مزج فيه تقريظًا بنقد، قال ص: ٣٨٠ "وقفت طويلًا عند ملحمة القوس العذراء للأستاذ الكبير محمود محمد شاكر مأْخُوذًا بمحاسن هذه الخريدة الفريدة، مُمَتِّعا الروح بما حوت من خيال رائع، ونسيج متين. غير أني لاحظت في قليل من أبيات مطلع هذه القصيدة العصماء خَلَلا أَفْقَد نغمها انسجامه"، ثم أورد ثلاثة أبيات هائية (فقضاها، رآها، سَوَّاها) ورأى أن زيادة تفعيلة فيها أخلت بوزن مجزوء الرمل. ثم نشر الأستاذ محمد سعيد المسلم في نفس المجلة (المجلد ١٢، عدد فبراير ١٩٥٣، ص: ٢٩٣ - ٢٩٥) نقدًا تابع فيه الأستاذ جمال مرسي، حيث زاد أربعة أبيات من الهائية، وهي البيت السادس، وفيه زيادة كلمة، والبيت التاسع وفيه زيادة كلمة، والبيتان السابع عشر والثاني والعشرون، وكلاهما يزيد تفعيلة. ثم أورد الأبيات الثلاثة التالية لذلك وهي (فَداها، وشاها، هواها) وعلق عليها قائلًا: "فذوقي يقف إزاء هذه الأبيات الثلاثة المُدَوَّرة حائرًا! لا يدرى! كيف يرجعها إلى أي بحر من بحور علم العروض؟ ؟ أتراها بحورًا جديدة اخترعها الشاعر؟ "(ص: ٢٩٤). وأورد بيتًا من اللامية فيه خلل.
ثم نُشِرَت القصيدة في كتاب مستقل من القطع الصغير سنة ١٩٦٤، فكتب عنها أستاذنا المرحوم الدكتور زكي نجيب محمود (مجلة الكتاب العربي، العدد: ١٥، سنة ١٩٦٥، ص: ١١ - ١٥) مقالًا هو بالمدح والتقريظ أشبه منه بالدرس والتحليل.
فكما ترى لم يكتب شيء جاد عن هذه القصيدة الفريدة طوال ثلاثة عشر عامًا من تاريخ نشرها. ثم مضت سبعة عشر عامًا أُخَر حتَّى كتب عنها الدكتور إحسان عباس -أطال الله بقاءه- والدكتور محمد مصطفى هدَّارة، -رحمه الله-، دراستيْن قيمتيْن في الكتاب الَّذي أهديناه للأستاذ شاكر بمناسبة بلوغه السبعين، وطُبِع سنة ١٩٨٢. ولا أَدْرِى إذا كان الأستاذان الجليلان سيكتبان عن هذه القصيدة لولا الكتاب؟ لا أدري! وقد حاول الدكتور إحسان عباس أن يُعلِّل سبب إهمال الدارسين لها بما فيهم هو نفسه، وهو تعليل لم أجد فيها مَقْنعا (ص ١٣ - ١٤).