المصريين. وكل هذا يعرفه الشيخ عبد الرسول. تعلمت منه شيئا كثيرا أدناه هذا العلم: علم معرفة الخطوط وأزمانها، وشغلت به. ولكني كنت أيضا في شيء آخر، ولقد وصفت نفسي، ولا أحب أن أعيد ما كتبت، وصفت نفسي: ماذا كنت أريد أنا من هذه الدنيا أو من هذا العمل؟ فكان للشيخ عبد الرسول أثر عظيم في نفسي في معرفتى بالكتب وحبى للمخطوطات. لا حُبَّ جمع ولا شراء ولا اقتناء. مكتبتى من أكبر المكاتب الخاصة في مصر ولكن ليس فيها كتاب مخطوط. الأشياء التي أريدها أصورها من دار الكتب أو الجامعة العربية -والشيخ حمد أكرمنى كثيرا بصور من مخطوطات ودلنى عليها ولم أكن أعرفها، لأنى فعلا غير متتبع لشأن المخطوطات ولكن قرأت تراجم الأمة والعلماء وأعرف هذا كله- منها كتاب هنا في دار المتحف البريطاني.
الشيخ حمد جاءنى بهذه النسخة لأحققها، وطبعتُ منها جزءا واحدا من "أنساب قريش" -وهي نسخة فريدة- مع أن صاحب فتح البارى، الإمام ابن حجر، رأيتُ في شرحه للبخاري أنه راجع ست نسخ من "جمهرة نسب قريش" ليقف على نسب جاء في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ست نسخ في القاهرة في القرن السابع، أين ذهبت هذه؟
هذه خطرات مفككة، ولكني عرفت هذه الأشياء كلها عن طريق رجال صحبتهم وعرفتهم -منهم الشيخ حمد- ومنهم علامتنا صلاح المنجد. عظام لم يبق منهم إلا هذه البقية. كان من أغرب الناس أيضا الشاعر الشيخ عبد المطلب الأستاذ بدار العلوم -كان له اهتمام غريب -وهو شاعر- سموه "الشاعر البدوي" من تقليده لشعر القدماء- ولكني حين زرته في بيته وجدت عنده صوانا كاملا من مخطوطات في علم القراءات فقط، مع أنه شاعر، وكان لا يُعْرَف عنه هذا- لا يعرفه عنه غيري. كان أكبر جزء من مكتبته في علم القراءات القرآنية وحده.
ثم الفضل الأكبر للرجل الثاني فقد كان شيخى وأستاذى الذي علمنى العربية وهو الشيخ سيد بن على المرصفي. مات منذ دهر طويل، أكثر من خمسة