ما خفته عليه، وأنا أقرأ الكتابين: أن تكون له أفكار أعدها إعدادا قبل قراءة "التراث" وقبل الغوص في "ثقافة" العرب، فيحمله ذلك على أن يجانب ما هو معروف به من سلامة النظر؛ ودقة التحليل؛ ومن الأستاذية التي لا تنكر في الفلسفة.
وفي الكتابين بعد ذلك مواقف كثيرة جدا، مردها إلى هذه الأفكار السابقة قبل القراءة، التي تلوى النظر عن الصواب، وتفسير النصوص على غير معناها. وقد اقتصرت على "المواقف" دون النظر في صحة قضايا الكتابين، ودون التحليل لهذه القضايا، لأنى أكره أن أناقش قضايا كتبت على أسلوب غامض غير مكشوف، يترك للقارئ أن "ينتزع المعاني من بين السطور"؛ فأنا أحب المكاشفة، ولا أرضى إلا المصارحة بالرأي، والاستقامة في التعبير. هكذا موقفي وموقف تراثى وثقافتى وحضارتى من تراث اليونان والغرب وثقافتهما وحضارتهما. وليس بين الحق والباطل، ولا بين الصدق والكذب، ولا بين العلم والجهل، ولا بين الصواب والخطأ- من حاجز، إلا ترك الاستقامة، وإلا تغليب الهوى على العقل، وإلا مفارقة التثبت، وإلا إيثار السلامة على المعاناة.