"ودرع من جرب": خصت النائحة بهذا النوع من الوعيد؛ لأنها كانت تلبس الثياب السود في المصائب، وتجرحُ القلوب بكلماتها المبكية، وتخمشُ وجهها عندها، فألبسها الله قميصاً من قطران، ودرعًا من جرب بأن يسلط عليها، فيغطي جلدها تغطية الدرع، ويجمع لها بين حدة القطران وحرارته وحرقته وسواده ونتنه، وبين الجرب الذي لا صبرَ لها معه إلا بمزق الجلد وتقطيع اللحم؛ لتذوق وبال أمرها.
* * *
١٢٢٧ - وقال أنسٌ - رضي الله عنه -: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ تبكي عندَ قبرٍ، فقال:"اتقي الله واصْبري"، فقالت: إليكَ عَنِّي، فإنك لم تُصَبْ بمصيبَتي - ولم تعرفه - فقيلَ لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتَتْ بابَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَلَم تَجدْ عندَه بَوابينَ، فقالت: لم أعرفْكَ، فقال:"إنما الصبرُ عند الصَّدمةِ الأُولى".
"وقال أنس: مر النبي - عليه الصلاة والسلام - بامرأة تبكي عند قبر فقال "اتقي الله واصبري، قالت: إليك": اسم فعل؛ أي: تنحَّى "عني"، ولا تلمني.
"فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها": بعدما ذهب - صلى الله عليه وسلم -.
"إنه النبي عليه الصلاة والسلام"، فندمت على ما جاوبته عليه الصلاة والسلام.
"فأتت باب النبي عليه الصلاة والسلام، فلم تجد عنده بوَّابين": كما هو عادء الملوك الجبابرة.
"فقالت: لم أعرفك، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى"؛ أي: