خَيْلُ بني الخَزْرَجِ، ثمَّ تَتامَّ النَّاسُ، فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وكُلُّكُمْ مَغفورٌ لهُ إِلَاّ صاحِبَ الجَملِ الأحمرِ"، فَأتَيْنَاهُ فقُلنا لهُ: تَعَالَ يَستغفِرْ لكَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: والله لأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أحبُّ إليَّ منْ أنْ يَستغفِرَ لِي صاحِبُكُمْ، وكَانَ رَجُلاً يَنشُدُ ضَالَّةً لهُ.
"عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يصعد": روي بالرفع على جعل (من) استفهاماً، وبالجزم شرطاً، وهو الأشبه.
"الثنيةَ": وهي في الجبل كالعقبة فيه، وقيل: الطريق العالي فيه.
"ثنيةِ": بدل مما قبلها، أو عطف بيان.
"المرار" - بالحركات الثلاث -: اسم موضعبين مكة والمدينة من طريق الحديبية، حثهم - صلى الله عليه وسلم - على صعودها؛ لأنها عقبةٌ شاقةٌ؛ إما لقربها من العدو، أو لصعوبة طريقها، فلهذا قال:
"فإنه يحطُّ عنه ما حُطَّ"؛ أي: مثل الحط الذي حُطَّ "عن بني إسرائيل" حين امتثلوا قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ}[البقرة: ٥٨]، وهذا غاية المبالغة في حطِّ ذنوب ذلك الصاعد، وإلا فخطيئة المؤمن كيف تكون مثل خطيئتهم العظيمة حين خالفوا أمر موسى وعبدوا العجل؟!
"فكان أول من صعدها خيلنا خيل بني الخزرج، ثم تتام الناس"؛ أي: جاؤوا كلهم، واجتمعوا على صعودها.
"فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وكلكم مغفورٌ له إلا صاحب الجمل الأحمر، فأتيناه فقلنا له: تعال يستغفرْ لك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: والله لأن أجد ضالتي أحبَّ إليَّ من أن يستغفر لي صاحبكم، وكان"؛ أي: صاحبُ الجمل "رجلاً ينشد ضالَّةً له".