"في سمِّ الخِياط": بكسر الخاء: الإبرة؛ أي: في ثقبها؛ يعني: لا يدخلون الجنة أبداً؛ لأن دخول الجمل في ثقبة الإبرة محال، والمعلق بالمحال محالٌ.
"ثمانية منهم تكفيهم"؛ أي: تمنعهم وتطردهم.
"الدُّبيلَةُ": بالموت، وهي - بضم الدال المهملة وفتح الباء الموحدة ثم السكون - في الأصل: الداهية، وتستعمل في القرحة، فسرها - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"سراج من نار، يظهر في أكتافهم حتى ينجُم": بضم الجيم؛ أي: يظهر.
"في صدورهم": لعله أراد بها: ورماً حاراً يحدث في أكتافهم بحيث يظهر أثرُ تلك الحرارة وشدة لهبها في صدورهم.
قصد - صلى الله عليه وسلم - بهذا القول تنبيهَ أصحابه الصديقين؛ لئلا يأمنوا من مكرهم، وهم الذين كانوا قد قصدوا أن يمكروا به - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ العقبة مرجعَهُ من غزوة تبوك متلثمين، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - منقطعاً في تلك الليلة عن جماعة المسلمين مع حذيفة وعمار آخذاً في طريق الثنية، وهم في بطن الوادي، فسمع - صلى الله عليه وسلم - خشفة القوم من ورائه، فأمر حذيفة أن يزجرهم، فاستقبلَ حذيفة وجوهَ رواحلهم بمحجن كان معه ضرباً، فرعبهم الله حين أبصروا حذيفة، فانقلبوا مسرعين على أعقابهم، فأدرك حذيفة النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال له:"هل عرفت واحداً منهم؟ " قال: لا، فإنهم كانوا متلثمين، ولكن أعرف رواحلهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أخبرني أسماءهم، وأسماء آبائهم، وسأخبرك بهم إن شاء الله تعالى عند الصباح"، فمن ثمة كانوا يراجعون حذيفة في أمر المنافقين، قيل: أسرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ هذه الفئة المشؤومة؛ لئلا تهيج الفتنة من تشهيرهم.
* * *
٤٦٣٣ - عَنْ جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَصْعَدُ الثَّنِيَّةَ ثَنيَّةَ المُرارِ فإنَّهُ يُحَطُّ عنهُ ما حُطَّ عنْ بني إسْرائيلَ"، فكانَ أوَّلَ مَنْ صَعِدَها خَيْلُنا