"قال: كيف بك يا أبا ذَرٍّ إذا كان في المدينة قتلٌ تَغمرُ"؛ أي: تسترُ "الدماءُ أحجارَ الزيت؟ " وتعلوها؛ لكثرة القتلى، وهي اسم موضع بالمدينة قريب الزَّوراء، موضع صلاة الاستسقاء.
وفي "المغرب": (أحجار الزيت): مَحلَّة بالمدينة، قيل: قد وقعت هذه الوقعةُ في أيام يزيد بن معاوية، توجَّه إليها مسلم بن عقبة المُرِّيُّ المستبيح لحرم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونزل بعسكره في متن الغربية من المدينة، واستباح حُرمتَها وقَتلَ رجالَها وعاث فيها ثلاثةَ أيام؛ أي: أفسدَ، وقيل: خمسةَ أيام، ثم توجَّه إلى مكة، وذابَ كما يذوب الملح في الماء، ومات في الطريق.
"قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: تأتي مَن أنتَ منه"؛ أي: ترجع إلى إمامك ومَن بايعتَه.
"قال: قلت: وأَلبَس السلاحَ؟ قال: شاركتَ القومَ إذاً"؛ أي: في الإثم، قاله لتأكيد الزجر عن إراقة الدماء، وإلا فالدفعُ واجبٌ.
"قلت: فكيف أصنع يا رسولَ الله؟ قال: إن خشيتَ أن يَبهَرَك شعاعُ السيف"؛ أي: يغلبَك ضوؤُه وبريقُه، والبَهْر: الغَلَبة، وقيل: الباهر: الشديد الإضاءة.
"فألقِ ناحيةَ ثوبكِ على وجهك"؛ يعني: لا تُحارِبْهم وإن حاربوك، بل اسلمْ نفسَك للقتل.
"لِيبوءَ"؛ أي لِيرجعَ القاتلُ "بإثمِك وإثمِه"، والاستسلام: إنما يكون إذا لم يمكن الفرار، وإنما أُمر بالاستسلام وعدم المحارب؛ لأن أولئك من أهل الإسلام.