أَتاهم فقالَ:"لا تَبْكُوا على أخي بعدَ اليوم"، ثم قال:"ادعُوا لي بني أخي"، فجيءَ بنا كأننا أفرُجٌ، فقال:"ادْعُوا لي الحلاقَ"، فأمَرَهُ فحلقَ رؤوسنا.
"عن عبد الله بن جعفر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمهلَ آل جعفر" بن أبي طالب؛ أي: تركَ أهلَه بعد وفاته يبكُون عليه.
"ثلاثاً"؛ أي: ثلاثةَ أيام، وإنما ثلاثاً اعتباراً بالليالي، وهذا يدلّ على أن البكاءَ على الميت من غير نَدْب، ونياحةٍ جائزٌ ثلاثةَ أيام.
"ثم أتاهم فقال: لا تَبْكُوا على أخي بعد اليوم"، وهذا يدلّ على أن المستَحبَّ ألَّا يزادَ في البكاء على الميت والتعزيةِ فوقَ ثلاثةِ أيام، وسمَّى جعفراً الطيارَ أخا توسُّعاً؛ لأنه ابن عمِّه وأخوه في الدين.
"ثم قال: ادْعُوا لي بني أخي"، وهم عبد الله، وعوف، ومحمد.
"فجيء بنا كأننا أَفْرُخٌ": جمع الفرخ ولدُ الطير؛ أي: كُنَّا صغاراً.
"فقال: ادْعُوا لي الحَلَّاق فأمرَه فَحَلقَ رؤسَنا"، وإنما حلقَ رؤوسَهم لمَا رأى من اشتغالِ أمِّهم عن تَرْجِيل شعورِهم بما أصابهَا مِن قَتْل زوجِها في سبيل الله، فأشفقَ عليهم الوسَخَ والقَمْلَ، وهذا يدلّ على أن للوَليِّ التصرفَ في الأطفال حَلْقاً وخِتَاناً.
* * *
٣٤٥٤ - عن أمِّ عطَّيةَ الأنصاريةَ: أنَّ امرأةً كانت تختِنُ بالمدينةِ، فقالَ لها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُنْهِكِي، فإنَّ ذلِكَ أَحْظَى للمرأةِ وأحبَّ إلى البعلِ".
"عن أم عطيةَ الأنصاريةِ: أن امرأةً كانت تختِنُ بالمدينةِ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لها: لا تُنْهِكِي"؛ أي: لا تبالِغي في القَطْع، ولا تَسْتَقْصِي في الخِتَان.