قِطْرِيَّانِ غَليظانِ، فكانَ إذا قعدَ فعرِقَ ثَقُلا عليهِ، فقدِمَ بَزٌّ مِن الشَّامِ لفلانٍ اليهودي، فقلتُ: لو بعثتَ إليه فاشتريتَ منهُ ثَوْبينِ إلى المَيْسَرَةِ، فأَرسلَ إليه فقالَ: قد علمتُ ما يريدُ، إنما يريدُ أنْ يذهبَ بمالي، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كذبَ؟ قد علمَ أنِّي من أتقاهُم وآداهُمْ للأَمانةِ".
"عن عائشَة قالت: كان على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثوبان قِطْرِيان غَلِيظَان، فكانَ إذا قعدَ فعَرِقَ ثَقُلا عليه": من الثّقَل.
"من الشام لفلانٍ اليهوديِّ، فقلت: لو بعثتَ إليه"؛ أي: لو أرسلْتَ إلى ذلك اليهوديِّ "فاشتريتَ منه ثوبين" بثمنٍ مؤجَّل. "إلى المَيْسَرة"؛ أي: إلى الغِنَى، وجواب (لو) محذوف؛ أي: لكان حسناً حتى لا تتأذَّى بهذين الثوبين القِطْرِيَّين وكانا من الصوف، وهذا البَزُّ كان من القُطْن، وقيل:(لو) للتمني.
"فأرسلَ إليه"؛ أي: أرسلَ رسولاً إلى اليهوديِّ يتسلَّفُ بَزًّا إلى المَيْسَرة.
"فقال"؛ أي: اليهودي.
"قد علمتُ ما تُرِيد"، (ما) استفهامية عَلَّقت العِلْم عن العمل، ويجوزُ أن تكونَ مصدريةً، والعِلْمُ بمعنى العرفان.
"إنما تريدُ أن تذهبَ بمالي"؛ أي: لا تؤدِّي إلي ثمنَه.
"فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كذبَ"؛ أي: اليهوديُّ.
"قدَ عِلَم" في التوراة "أني أتقاهم"؛ أي: أتقى الناس.
"وآداهم"؛ أي: أقضاهم اللأمانة"، ولكن إنما يقولَ ذلك القول من الحسد.