للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠١٧ - وقال "الحَلَالُ بَينٌ، والحَرَامُ بَين، وَبَيْنَهُمَا أُمورٌ مُشتَبهَات لا يَعْلَمُهُنَّ كثيرٌ مِنَ الناسِ، فَمَنْ اتَّقى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضهِ، ومَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فيهِ، أَلَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ، أَلَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كلّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ".

"وعن النعمان بن بَشِير أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الحلال بَين"؛ أي: بعضُ الأشياء واضحٌ حِلُّه.

"والحرامَ بين"؛ أي: بعضُها واضحٌ حرمتُه بالدلائل الظاهرة.

"وبينهما أمور مشتبِهات"؛ يعني: بعض الأشياء مشتبِهة لوقوعه بينَ دليلِهما.

"لا يَعْلَمُهنَّ كثيرٌ من الناس"؛ يعني: لا يَمِيْزُ بينهما إلا العلماءُ المجتهِدُون.

"فمن اتَّقى الشُّبُهات"؛ أي: اجتنبَ عن الأمور المُشْبِهة قبلَ ظهورِ حُكمْ الشَّرْع فيها بأحدِ الأدلَّةِ التي هي: النصّ والقياسُ والإجماعُ والاجتهاد.

"استبرأَ لدينه"؛ أي: بالغَ في براءة دينه وصيانته من أن يَخْتِلَ بالمحارم.

"وعِرْضه" من أن يُتَّهم بترك الوَرعَ.

"ومَن وقع في الشُّبُهات"؛ أي: أتى بها وتعوَّد ذلك.

"وقعَ في الحرام"؛ أي: يوشِكُ أن يقعَ في الحرام؛ لأنه حام حَوْلَ حريمه، وإنما قال: (وقعَ) دون (يوشك أن يقع) تحقيقًا لمداناة الوقوع، كما يقال: (من اتبع هواه فقد هلك)، ولمَّا كانت حِمَى الملوك محسوسةً يُحْتَرِزُ عنها كلُّ ذي بَصَر، وحِمَى الله معقولة لا يدرِكُه إلا ذو البصائر ضربَ المَثَلَ بالمحسوس بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>