"ألا لا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده": المراد منه النَّهي عن الجناية عليهما، وخصَّهما بالذكر لمزيد قبح الجناية عليهما وشناعته.
وقيل: المراد حقيقة النفي، وذلك لأنَّ أهل الجاهلية كانوا يعتقدون مؤاخذة المرء بجناية غيره من قرابته وذوي أرحامه، فكانوا يقتلون الولد بجناية الوالد وبالعكس، وكذا القريب والحميم، فأعلمهم أن الجاني إنَّما يجني على نفسه لا على غيره.
واقتصر على ذكر الولد والوالد لكون (١) نسبهما أقرب الأنساب، وإنَّما يحتمل العواقل للمعاقل أخذاً بجنايتهم وهو التقصير في الحفظ والمنع.
"إلَّا أن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلادكم هذه أبدًا" والمراد من الأبد طول المدة؛ لئلا ينافي الأحاديث التي في (باب قيام الساعة على الأشرار).
"ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم"؛ أي: فيما لا تعظمون قَدْرَه من الذنوب كالصغائر منها، أو المراد من الأعمال: الواجبة، وذلك إما بتركها أو بإقامتها على وجه غير مَرْضيٍّ.
"فسيرضى به"؛ أي: الشيطان بذلك القدر من الاحتقار ولا يأمركم بالكفر؛ لأنَّه يعلم أنكم لا تطيعونه في ذلك وبالله العون.
* * *
٥٨ - عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال، قال رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "كتبَ الله مقاديرَ الخلائقِ قبلَ أنْ يخلُقَ السماواتِ والأَرضَ بخمسينَ ألْفَ سَنَة. قال: وكان عرشُهُ على الماءَ".