للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك وتنفرِ طبعه عنه، كمن وجد جيفة منتنة كره ريحها وتفل من نتنها.

وتخصيص اليسار لإكرام اليمين، وقيل: لأنَّ مأتاه من اليسار.

"وليستعذ بالله من الشيطان"؛ أي: ليطلب المعاونة من الله الكريم على دفعه.

* * *

٥٧ - عن عَمْرو بن الأَحْوَص - رضي الله عنه - قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول في حَجَّة الوداع: "ألا لا يجني جانٍ على نفسِهِ، ألا لا يجني جانٍ على ولده، ولا مَولود على والِده، ألا إنَّ الشيطانَ قَدْ أيسَ أنْ يُعبَدَ في بلادِكُمْ هذ أبدًا، ولكنْ ستكونُ له طاعةٌ فيما تحتَقِرُونَ مِنْ أعمالكُمْ، فسيرضى بهِ".

"وعن عمرو بن الأحوص أنه قال: سمعت النَّبيّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم يقول في حجة الوداع" إنَّما سمي بها؛ لأنَّه عليه الصَّلاة السلام لما قال: "هل بلغت" وقالوا: نعم، قال صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: "اللهم اشهد"، ثم ودعَّ النَّاس، فقالوا: هذه حجة الوداع.

"ألا لا يجني جان على (١) نفسه" الأَوْلى أنه نفيٌ بمعنى النَّهي؛ لئلا يخلو الكلام عن الفائدة؛ لأنَّ الجاني إذا جنى فإنما يجني على نفسه، وبجنايته يؤخذ في الدُّنيا والآخرة، فكيف ينفي عنه الجناية؟ فيحمل على معنى النَّهي، وفيه مزيد التأكيد والحث على الانتهاء، ولذا أضاف الجناية إلى نفسه، والمراد الجناية على الغير بسبب الجناية على النفس؛ لأنَّ تلك الجناية سبب الجناية على النفس، فإضافتها إليها ليكون أدعى إلى الكف، وتتأيد إرادة النهي من هذا الخبر برواية بعضهم إياه بصيغة النَّهي.


(١) في "ت": "إلَّا على"، وهي رواية كما في "م".

<<  <  ج: ص:  >  >>