المنفصل المرفوع؛ إذ حقه أن يقال: وأنت يا رسول الله وُكِّل بك قرينك؟ فيقول: وأنا، وهذا شائع.
"إلَّا أن الله أعانني عليه فأسلم": بفتح الميم؛ أي: انقاد وامتنع عن وسوستي، أو معناه: دخل في الإسلام الحقيقي، فسلمت من شره، يؤيده قوله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "فلا يأمرني إلَّا بخير"، ويروى برفع الميم؛ أي: أسلم من شره.
وقيل: هو أفعلُ التفضيل خبرُ مبتدأ محذوف؛ أي: فأنا أسلمُ منكم؛ لأنَّ النَّبيّ - عليه الصَّلاة والسلام - كان يجري عليه بعضُ الزلات في بعض الأوقات بوسوسة، فيكون المراد بقوله - عليه الصَّلاة والسلام -: "فلا يأمرني إلَّا بخير" في أعم الأوقات.
وفي رواية:(ما منكم من أحد إلَّا وقد وُكِّل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة).
"رواه ابن مسعود". وعن بعض المشايخ: أن قرينه من الجن ربما يدعوه إلى الخير، وقصده بذلك الشرُّ بأنَّ يدعو إلى المفضول؛ ليمنعه عن الفاضل، ويدعوه إلى الخير؛ ليجره إلى ذنب عظيم لا يفي خيره بذلك الشرِّ من عُجبٍ أو غيره.
* * *
٤٩ - وقال:"إنَّ الشَّيطانَ يجري مِنَ الإنسانِ مَجْرَى الدَّمِ".
"وعن أنس - رضي الله عنه - فيه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الشيطان يجري من الإنسان مَجرى الدمِ"؛ أي: كيد الشيطان يجري، ووساوسه تسري في الإنسان حيث يجري فيه الدم؛ أي: في جميع عروقه، أو يجري فيه مثل جريان الدم في أعضائه من غير إحساس له بجريانه، أو معناه: أن الشيطان لا ينفكُّ عن الإنسان ما جرى دمه في عروقه؛ أي: ما دام حيًّا.