" {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الْنَّاسِ} ": وهذا يدل على أن المُعوذتين من القرآن، خلافًا للبعض.
* * *
١٥٣٢ - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أَوَى إلى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فيهِمَا، فَقَرَأَ فيهِمَا:{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الْنَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا ما اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا على رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وما أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثلاثَ مَرَاتٍ.
"وعن عائشة: أن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان إذا أَوَى"؛ أي: دخلَ "إلى فراشه كلَّ ليلةٍ جمعَ كفَّيه، ثم نَفَثَ فيهما": إخراجُ ريحٍ من الفم مع بُزاقٍ ما.
"فقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الْنَّاسِ}: ظاهر الحديث يُومِئ إلى أن النفثَ مقدَّم على القراءة؛ لأن الفاءَ للتعقيب، ولعله وقع سهوًا من الناسخ من بعض الرواة، وفي "البخاري" بالواو، وكذا قاله بعض الشراح.
أقول: تخطئة الرُّواة العُدُول بما عَرَضَ له من الرأي خطأ، وهلَّا قاسوا هذا الفاء على ما في قوله تعالى:{فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}، وقوله:{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوَا أَنْفُسَكُمْ} = على أن التوبة مؤخَّرة عن القتل؟؛ فالمعنى: جمعَ كفَّيه، ثم عزم على النفث فيهما، فقرأ فيهما.
"ثم يَمسَح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبلَ من جسده، يفعل ذلك ثلاثَ مراتٍ".