وتقول: كم مثله لك، وكم خيرا منه لك، وكم غيره لك، كلّ هذا جائز حسن؛ لأنه يجوز بعد عشرين- فيما زعم يونس.
وتقول: كم غيره مثله لك، انتصب غيره (بكم)، وانتصب مثله لأنه صفة له ولم يجز يونس والخليل: كم غلمانا لك؛ لأنك لا تقول: عشرون ثيابا لك إلا على وجه: لك مائة بيضاء وعليك راقود خلا.
فإن أردت هذا المعنى قلت: كم لك غلمانا، ويقبح أن تقول: كم غلمانا لك؛ لأنه قبيح أن تقول: عبد الله قائما فيها، كما قبح أن تقول: قائما فيها زيد، وقد فسرنا ذلك في بابه.
وإذا قلت: كم عبد الله ماكث، فكم أيام، وعبد الله فاعل، وإذا قلت: كم عبد الله عندك، فكم ظرف من الأيام، وليس يكون عبد الله تفسيرا للأيام لأنه ليس منها.
والتفسير: كم يوما عبد الله ماكث أو كم شهرا عبد الله عندك؟ فعبد الله يرتفع بالابتداء كما ارتفع بالفعل حين قلت: كم رجلا ضرب عبد الله.
فإذا قلت: كم جريبا أرضك؟ فأرضك مرتفعة ب (كم) لأنها مبتدأة، والأرض مبنية عليها وانتصب الجريب؛ لأنه ليس بمبني على مبتدإ، ولا وصف فكأنك قلت:
عشرون درهما خير من عشرة.
وإن شئت قلت: كم غلمان لك؟ فتجعل (غلمان) في موضع خبر، وتجعل (لك) صفة لهم.
وسألته: على كم جذع بيتك مبني؟ فقال: القياس النصب، وهو قول عامة الناس
فأما الذين جرّوا فإنهم أرادوا معنى (من) ولكنهم حذفوها هاهنا.
تخفيفا على اللسان، وصارت (على) عوضا منها.
ومثل ذلك: الله لا أفعل، فإذا قلت: لاها الله لا أفعل لم يكن إلا الجر، وذلك أنه يريد لاها والله، ولكنه صار (ها) عوضا من اللفظ بالحرف الذي يجر وعاقبه.
ومثل ذلك: الله ليفعلنّ؟ إذا استفهمت أضمروا الحذف الذي يجرّ وحذفوا تخفيفا على اللسان، وصارت ألف الاستفهام بدلا منه في اللفظ معاقبا.
واعلم أن (كم) - في الخبر- بمنزلة اسم يتصرف في الكلام غير منّون يجر ما بعده إذا سقط التنوين، وذلك الاسم نحو: مائتي درهم، فانجر الدرهم؛ لأن التنوين