للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذهب بصاحب مذهب الفعل، واستثني من جملة ذلك باب: حسن الوجه لأنه لا يتعرف كتعريف مثلك أو شبهك

وضاربك، وذلك أن الوجه هو ما على الحسن، وقد نقل الفعل عنه إلى الأول، وهذا المعنى لا يزول عنه، فتقدير التنوين فيه قائم حتى حقّق الفعل للوجه تحقيق فعل الوجه لا يزول، والتقدير:

مررت برجل حسن وجهه وذكر أبو العباس:

أن غير وإن أضيف إلى معرفة لا يتعرف، لأنك إذا قلت: مررت بغيرك وكل ما ليس بالمخاطب فهو غيره، فإضافته إلى المعرفة لم توجب تغيير شيء بعينه.

قال أبو سعيد: وأقول أنا: إن ل " غير " وجها يتعرف فيه، وذلك أنها قد تستعمل في معنى المخالف كقولهم: الطالح غير الصالح، والجواد غير البخيل. أي: المخالف له، وقد يحصر أشياء متشابهة، وأشياء أخر مخالفة لها، فيقال للمشابهة: إنها واحدة، ويقال للمخالفة لها: إنها غيرها.

وقد يتكلم المتكلم بشيء ثم يعيد مثله، فيقال: هذا هو الأول، وإن أعاد ما يخالفه.

قال: هذا غير الأول، وقد يجوز عندي غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ (١) معرفة، يذهب مذهب المخالف الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (٢) لأنهم المؤمنون، والمغضوب عليهم:

الكافرون.

والفريقان مختلفان في الدين والصفة ومنه قول أبي طالب:

يا رب إمّا تخرجن طالبي ... في مقنب من تلكم المقانب

فليكن المغلوب غير الغالب ... فليكن المسلوب غير السالب (٣)

ثم قال سيبويه: (ومن النعت: مررت برجل إمّا قائم، وإمّا قاعد).

قال أبو سعيد: إمّا معناها: معنى الشك وتخالف أو لأن أو حرف عطف، وإمّا ليست بحرف عطف، وإنما تقدم لتؤذن بالشك والتخيير، وما جرى مجراهما، ثم يعطف عليها بالواو وبمثلها، فيقال: إمّا زيد وإمّا عمرو.


(١) سورة الفاتحة، الآية: ٧.
(٢) سورة الفاتحة، الآية: ٧.
(٣) البيتان غير موجودين في ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>